سبحان الله ,, و الحمد لله ,, و الله أكبر ,, و لا إله إلا الله
الاجابة للشيخ صالح الكرباسي
مما
يثار حول القرآن الكريم من الشبهات هو : إذا كان القرآن كتاباً لكل
البشرية ، فلماذا أنزله الله باللغة العربية ، و لم ينزله بلغة أخرى غيرها ؟
و في الجواب نقول : من الواضح أن نزول القرآن ـ كغيره من الكتب السماوية ـ
كان لا بُدَّ أن يكون بلغة من اللغات الحية التي يتكلم بها الناس عصر نزول
القرآن ، و اللغة العربية كانت إحدى أهم تلك اللغات .
و من الواضح أيضاً أنه على أي لغة أخرى ـ غير العربية ـ كان يقع الاختيار
فإن هذه الشبهة كان يمكن طرحها ، و حينها كان يقال : لماذا نزل القرآن بهذه
اللغة ، قال الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿
وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ
آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى
وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ
عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ ﴾ [size=21][1] .
هذا من جهة ، و من جهة أخرى ، فإن أي كتاب سماوي ينبغي أن ينزل بلغة الرسول
الذي ينزل عليه ذلك الكتاب ، ليتمكن من التعامل معه بصورة طبيعية ، و من
هذا المنطلق كان من الطبيعي إختيار اللغة العربية دون غيرها من اللغات ،
حيث أنها اللغة التي كان يتحدث بها النبي محمد ( صلى الله عليه و آله ) ،
كما و أن أي رسول لا بُدَّ و أن يتحدث بلسان القوم المرسَل إليهم ، أو
المبعوث فيهم ، و لقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الأمر حيث قال : ﴿
وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ
لَهُمْ فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [2]
، فكان من الطبيعي أن يتم نزول القرآن باللغة العربية التي هي لغة النبي
محمد ( صلى الله عليه و آله ) ، و لغة قومه الذين يعيش معهم ، لكن إختيار
لغة قوم الرسول لا يدل على إنحصار الدعوة في من يتكلم بتلك اللغة ، خاصة و
أن الأدلة القاطعة تثبت خلاف ذلك .
هذا مضافاً إلى أننا لا نشك في أن نزول القرآن باللغة العربية دون غيرها من
اللغات لم يكن عفوياً ، بل كان لأسباب دقيقة ، و هو بكل تأكيد إختيار حكيم
لأنه من قِبَلِ رب العالمين ، و نحن نؤمن بوجود الحكمة في هذا الاختيار
سواءً تبيَّنت لنا أسبابه أم لم تتبين .
أضف إلى ذلك أن خصائص اللغة العربية و قابلياتها الحيوية و مرونة تعبيراتها
و سعتها و ما إليها من مميزات من حيث الاشتقاق الصرفي ، و الايجاز ، و
الخصائص الصوتية ، و إمكانية تعريب الألفاظ الواردة ، تجعل إختيارها لغة
للقرآن الكريم هو الخيار الصحيح .
و من جانب آخر فأن اللغة العربية ـ كما جاء في الأحاديث ـ هي لغة عدد من
الأنبياء العظام السابقين ( عليهم السلام ) ، و قد كانوا يتكلمون بها ، و
لقد جاء في بعض الروايات أن خَمْسَة أنبياء مِنَ الْعَرَبِ : هُودٌ وَ
صَالِحٌ وَ شُعَيْبٌ وَ إِسْمَاعِيلُ وَ مُحَمَّدٌ ( عليهم السلام ) ، و أن
لغة النبي آدم ( عليه السَّلام ) حينما كان في الجنة كانت العربية ، حيث
أنها لغة أهل الجنة ، و ستكون العربية لغتهم التي يتكلمون بها في الجنة [3] ، فكل هذه الأمور مما ترجح و تدعم إختيار اللغة العربية لأن تكون لغة للقرآن الكريم .
[1] القران الكريم : سورة فصلت ( 41 ) ، الآية : 44 ، الصفحة : 481 .
[2] القران الكريم : سورة إبراهيم ( 14 ) ، الآية : 4 ، الصفحة : 255 .
[3] انظر : بحار الأنوار : 11 / 56 .
[/size]