سبحان الله ,, و الحمد لله ,, و الله أكبر ,, و لا إله إلا الله
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤال قد يبدو غريباً أو طريفاً ، و لكن اترك هذا السؤال الآن جانباً.
ما هي العلمانية التي أقصدها ؟
أريد أن أعرفها في البداية كي أكون محدداً. العلمانية التي أقصدها هي فصل
الدين عن الدولة ، و هي أيضاً رفض أن تكون الحاكمية لله ، و هي أيضاً تحكيم
الهوى و الرغبات.
حسناً ، و لكن هناك أسئلة ربما ظلت حائرة في أدمغة البعض ، و هي :
لماذا تعلمن العلماني ؟ و كيف تعلمن العلماني ؟ و ماذا بعد العلمانية ؟
و هذه الأسئلة يمكن الإجابة عليها جملة واحدة ، و ذلك بتتبع المسار الذي
سار فيعه العلماني حتى تعلمن ، ثم طريقه الذي لو تمادى لوصل إليه بمحطاته
المتعاقبة ، و التي يتوقف البعض فيها ، بينما يستكمل الآخرون طريقهم حتى
النهاية.
في البداية لابد أن نفهم طبيعة العلماني ، هو شخص له فكر و هو مثقف في
أحيان كثيرة بدرجات تقل أو تكثر ، غالباً لا يعلم الكثير عن الدين و لا
يقرأ القرآن كثيراً – إن كان يفعل أصلاً – و لكنه ليس بجاهل ، بل لديه من
العلم الدنيوي مقدار لا بأس به ، و يعلم عن الدين نذراً يسيراً ، و لكنه
يحسبه كثيراً.
لا تكمن مشكلة العلماني في جهله أو علمه ، و لكنها تكمن في غروره بعلمه و
إعجابه بعقله ، فالعلماني معجب جداً بتفكيره و لا يرى شيئاً آخر أفضل منه.
قد يكون قرأ كثيراً فغره ذلك ، لكن ما فاته أن ما قرأه ربما لا يفيد كثيراً
، فالعبرة ليست بالكم و لكن بالكيف ، لا يهم عدد الكتب بقدر ما يهم نوعية
الكتب. يزن العلماني الثقافة بالكيلوجرام ، فلما ثقل الميزان فرح بذلك و ظن
أنه بلغ ما لم يبلغه غيره فتكبر ، و هنا تبدأ القصة.
أول الطريق ، إنهم محقون
أول طريق العلمانية هو الغرور و الإعجاب بالذات و تمجيد الإنسان لعقله ، قد
يصل إلى تلك المرحلة بنفسه ، و لكن في الغالب يغذيها فيه من حوله ، و هو
الفخ الذي يقع فيه كثير من المتعلمين بعد حصوله على الشهادة الجامعية أو ما
بعدها ، يبدأ في الشعور بأن نظرة المجتمع إليه قد تغيرت ، فهناك هالة من
التبجيل و الاحترام تحيطه ، عندما يتكلم فكلامه مسموع ، و لو شطح شطحة
فكرية اعتبرت إبداعاً ، و لو كان من أصحاب الكتب أو الظاهرين في أجهزة
الإعلام تطلق عليه الألقاب المزخرفة ، كالمفكر الكبير أو المثقف أو العالم
أو الفنان أو المحلل أو الخبير. في البداية هو يعلم أنها مجرد ألقاب ، و
لكن مع التكرار يبدأ في تصديق ما يطلقه عليه الآخرون ، فيقول لنفسه : نعم ،
أنا قيمتي كبيرة ، و لكني لا أقدر ذاتي ، هؤلاء الناس يرون ما لا أرى في
نفسي. و لكنهم محقون ، أنا الفلتة العبقري الفذ الذي يصعب أن يوجد مثلي ،
إنهم محقون.
المحطة الثانية ، ما هذا الجهل ؟
ثم ينتقل الإنسان من مرحلة تمجيده لعقله إلى ازدراء عقول الآخرين ، ثم
ازدرائهم هم شخصياً ، فهو يراهم جهلة جامدي الفكر ، لا فائدة منهم ، و أنه
من الخسارة أن يتواجد مثله بين هؤلاء. في هذه المرحلة يفضل الإنسان أن يتهم
الآخرين بالجهل و الرجعية و الظلام و الغباء ، و أن الحديث معهم مضيعة
للوقت. في حين ينسب لنفسه العبقرية و الذكاء و أنه يرى ما لا يراه الآخرون
بنفاذ بصيرته. و غالباً ما يشعر أيضاً بالاضطهاد ، و بأن كثرة الأغبياء
تغلب شجاعة ذكائه الفريد الوحيد الذي لا يجد من يناصره.
المحطة الثالثة ، ما أعظم عقلي لا شريك له
في هذه المرحلة بعد أن أطاح الإنسان بكل أفكار الآخرين و اعتبرهم سفهاء ،
انتقل إلى ما علم من التشريع الإلهي فعرضه على عقله و علمه الذي حصله. و
هنا حدث صدام آخر ، لماذا حكم الله بذلك ؟ علمي و عقلي هنا يعارضان ، و هنا
يتحفظان ، هذه أوافق عليها ، و هذه لا أعلم حكمتها. و هنا سقط في فخ آخر
فعلمه الذي حصله ليس علماً مطلقاً ، و لكنه مهما كثر كنقطة في بحر ، و لا
يمكنه استناداً عليه أن يقيّم التشريع الإلهي ، فهو كالطفل الرضيع الذي
يحاول تقييم كتاب في ميكانيكا الكم ، و لكن غروره الذي ورثه من المحطتين
السابقتين يسوغ له ذلك و يجعله مقبولاً. و كانت النتيجة أنه فضل عقله على
التشريع الإلهي ، فقال : سأنفذ ما أقتنع به ، و أترك الباقي. و بدأ يقنع
نفسه أن الله لم ينزل تشريعاً ليتبع ، و لكنه في قرارة نفسه لا يصدق هذا
التبرير. و هنا يبدأ الصراع.
مبروك ، أصبحت علمانياً
المحطة الرابعة ، الإغراق في المادية
يحتدم الصراع بين عقل الإنسان بغروره و علمه المحدود و حقيقة وجود تشريع
إلهي ، فهذا التشريع قائم على الإيمان بالغيب ، و هذا الغيب لا يمكن معرفته
أو التأكد منه بحواسنا ببساطة لأنه غيب. ما الحل ؟ هل ينتصر الغيب على
الملموس ، أم الملموس على الغيب ؟ فيقرر أن ينتصر لعقله. و يكون الحل في
إنكار كل ما هو غيبي أو كل ما لا يمكن برهنته بالوسائل المادية أو لا تدركه
حواس الإنسان ، و بهذه القاعدة يمكن لهذا الصراع النفسي أن تخف وطأته. و
هكذا يتحول الدين إلى مجرد موروث قديم ورثناه عن آبائنا ، و لا يختلف عن أي
موروث آخر أو دين آخر و رثه الآخرون. كلها أديان و الهدف واحد ، و هو
عبادة الله مهما اختلفت أسماؤه ، و بث الفضائل بين البشر و هذا لا خلاف
عليه (مؤقتاً). إذن فلتحيا كل الأديان ، و أنا ديني الإسلام . هكذا وجدت
آبائي ، و هكذا وجد الآخرون آباءهم.
مبروك ، أصبحت ماسوني الفكر
المحطة الخامسة ، كن صادقاً مع نفسك
هنا يرى صاحبنا أتباع هذا الدين يسعون لنشره ، و هؤلاء يدافعون عن دينهم ، و
هؤلاء يموتون في سبيله. فيصرخ : ما هذا توقفوا ، ما كل هذا الهراء ؟ علام
هذا كله ؟ فلماذا تنشر و لماذا تدافع و لماذا تموت ؟ أليست كلها أديان ، و
المهم أن يكون لك دين ؟
و لكن ما معنى أن كلها أديان ؟ من منهم هو الأصح ؟ كن صادقاً مع نفسك مرة ، قل ما تعتقد ، لا تخش شيئاً ، أنا نفسك ، هيا حدثني.
في الواقع .... و يبدأ في حديثه مع نفسه.
في الواقع لقد أقر بأنه لا يؤمن بأن هناك شيئاً اسمه الأديان ، إنها من صنع
البشر جميعها ، و الله لم يقل شيئاً للبشرية. لقد خلق الناس و تركهم على
حريتهم ، يفعلون ما يشاءون.
عند الوصول إلى هذه المحطة يكون صاحبنا قد غرق على التوازي في ملذات الدنيا
و يريد أن يحلها لنفسه بكل السبل ، فقرر التخلص مما تمليه عليه الأديان من
قيود ، حتى يقلل مرة أخرى من الصراع النفسي.
و شعاره هنا ما دمت لا أؤذي غيري فأنا حر ، و الحرام هو أن أؤذي الآخرين (مؤقتاً).
مبروك ، أصبحت لا دينياً
المحطة السادسة ، ما المانع ؟
بعد أن استغرق صاحبنا في كل ما يدفعه إليه هواه و شهواته ، شطحت شهواته مرة
أخرى ، و لكنها ستدخل هذه المرة في دائرة ما حرمه هو على نفسه (إيذاء
الآخرين). ماذا أفعل ؟ هذه الرغبة تتعارض مع الفضائل المتفق عليها. ما بال
عقلي توقف ؟ كان دائماً ما يجد المخرج لي. و فجأة يظهر الحل أمامه ، و من
الذي اتفق على أن هذه هي الفضائل ؟ أليست الأديان التي كفرت بها سابقاً ؟
نعم ، و لكني سأؤذي غيري.
ثم ماذا ؟
ماذا سيحدث لك بعد أن آذيت غيرك ؟
عقاب الله ، الله ؟ و هل أنزل الله من شيء حتى تتبعه ؟
و لو كان أنزل ، هل كنت تراك تصدقه و أنت لم تره رأي العين ؟
لقد تحررت من كل شيء و تبقى الشيء الأخير ، و هو فكرة وجود الإله ، لو
تخلصت منها لانطلقت دون قيود ، تفعل ما تشاء ، لا إله و لا بعث و لا حساب و
لا جنة و لا نار. المهم مصلحتك و ملذاتك و احرص ألا تصاب بأذى ، فإنما هي
حياتنا الدنيا نموت و نحيا و ما يهلكنا إلا الدهر.
و هنا ينكر صاحبنا وجود الإله ، و يصبح إله هواه ، يسمه له ويطيع أينما
وجهه. لا يخشى شيئاً إلا أسباب الموت و الذي يعني نهاية هذه الملذات.
و هكذا ينتهي الطريق بصاحبنا إلى الإلحاد.
هل تذكر بماذا بدأ الطريق ؟ لقد كان الكبر و الغرور.
و الآن نعود إلى سؤال البداية
هل كان إبليس علمانياً ؟
تذكر كيف كان إبليس مع الملائكة (لم يكن جاهلاً). و انظر كيف كانت حجته في
عدم تنفيذ الأمر الإلهي بالسجود. قال أنا خير منه خلقتني من نار و خلقته من
طين. لقد اغتر إبليس بأصله و علمه – رغم عدم الأفضلية لا في هذا و لا في
ذاك – و ظن أنه الأفضل ، فتكبر على السجود و ازدرى آدم و أصله ، و عصى
الأمر الإلهي الذي لم يتوافق مع تفكير إبليس. فهذا الأمر لم يكن له ما
يبرره حسب تفكير إبليس ، و بالتالي رفضه. و لكن إبليس شخصياً لم ينكر وجود
الله ، و ذلك أن الإله كان معلوماً لديه فلم يستطع إنكاره ، و لم ينف أن
الله هو ربه و خالقه. فطلب من الله أن ينظره إلى يوم القيامة. إذن كل مشكلة
إبليس أنه لم ير أن حكم الله واجب التنفيذ ، و رأى أن ينفذ ما قبله عقله و
يترك ما لا يقبله ، و نسي أن عقله و علمه محدودان مهما كبرا ، و لا يجوز
المقارنة بعلم الله المطلق. فالمحدود مهما كثر بالنسبة إلى المطلق هو صفر.
في النهاية
إياك و الاغترار بالعقل مهما رجح و العلم مهما كثر و مدح الناس مهما تزخرف ، فهذا لعمرك هو أول طريق الهلكة.
و الآن ما رأيك ؟
هل كان إبليس علمانياً ؟
نقاش على الهامش
السؤال الأول : أمريكا و أوروبا دول علمانية و مع ذلك تقدمت ، فلماذا لا نجعلها قدوة لنا ؟
و السؤال الثاني : إذا كانت أمريكا و أوروبا قد أخذوا بأسباب النجاح و لذلك
تقدموا ، فلماذا لا نأخذ نحن أيضاً بتلك الأسباب مع ترك الدين جانباً ؟
سيتم الرد علىالسؤالين رداً مجملاً و ليس على كل سؤال على حدة و ذلك لارتباطهماالوثيق.
أول مايفعله العلماني عندما يريد مهاجمة الدين أو الشريعةالإسلاميةهو حصر
الدين الإسلامي في الحدود الجنائية ، ثم يقوم بعد ذلكبإخراجها من سياقها و
شروط تنفيذها و كيفية التنفيذ ، بحيث يرسم صورة شوهاء للتشريع الإلهي ،
سواء بقصد ، أو بغير قصدنتيجة جهله و علمه السطحي بأحكام الشريعة، فينفر
العامة و الجهالمنها.ثم يقوم بعد ذلك بضرب المثال الأمريكي أو
الأوروبيالشهير ، و يقول : هذه هي الأمم العلمانيةمتقدمةو يخرج بنتيجة و هي
: إذن العلمانية هي سبيل التقدم.
و هذه مغالطة كبيرة يمكن توضيحها من المثالالآتي :
الطالب (س) طالب متفوق جداً ، و هو يحب أن يمشط شعره ناحيةاليمين.و الطالب
(ص) طالب ضعيف جداً ، و هو يحب أن يمشط شعره إلىالخلف. جاء الشخص (ع) فأخذ
يوبخ الطالب الضعيف (ص) على فشله ، ثمأنهى توبيخه بعبارته الخالدة : يا أخي
تعلم من الطالب (س) المتفوق ، و هات شعرك على الجانب الأيمن حتى يتحسن
مستواك.
هذا المثال يوضح علاقة العلمانية بالتقدمالعلمي ، فالتقدم العلمي له وسائله
و طرقه من أخذ بها تقدم و من تركهاتخلف علمياً ، و ليس من بين هذه
الطرقالعلمانية.
حسناًما الدليل على أن العلمانية ليست من سبل التقدم ؟
الدليل الأول :
أن هناك دول تقدمت بدون العلمانية قديماً وحديثاً. قديماً الدولة الإسلامية
في عصور نهضتها لم تكن تفصل الدين عنالدولة و كانت أعظم حضارة على وجه
الأرض في عصرها ، و حديثاً اليابان لم تتخلى عن ديانتها و رغم ذلك
تقدمتعلمياً.
الدليل الثاني :
هناك دول كثيرة تخلفت و هي دول علمانية ، وعددها أكبر من الدولالتي تقدمت و
هي علمانية. أولهامصر مبارك، كانت دولة علمانية لم تحكم شريعة الله – و إن
ادعت ذلك اسمياً– ، و فصلت الدين عن الدولة و جاهرت بذلك.
و حظرت تأسيس أي حزب له مرجعية دينية ، و تبنت فكرة لا دينفي السياسة و لا
سياسة في الدين.و أعلت شأن العلمانيين في كل المجالات و أعطتهم الأبواق ، و
فيالمقابل اضطهدت كل من أظهر الدين. و رغم ذلك كانت دولة متخلفة في كل
المجالات و لم تشفع لها علمانيتها كيتتقدم علمياً.
و كذلك تونس زين العابدين ، و كل البلدان العربية تقريباً ، بلو كل العالم
الثالث نظامه في مجمله نظام علماني يفصل الدين عنالدولة.فماذا فعل العالم
الثالث ؟
إذن العلمانية أو فصل الدين عن الدولة ليس له علاقة بالتقدم العلميأو
التكنولوجي ، والتجربة تقول بعدم وجود هذا الارتباط الذي بُني عليه
الاستنتاج الأول الخاص بالمثالالأمريكي الأوروبي.
حسناًو لكن لماذا لا نأخذ بأسباب التقدم العلمي ، و كذلك نترك الدين جانباً؟فهذه الخلطة قد تنفع.
يعني الطالب (ص) يذاكر و يجتهد و في نفس الوقت يصفف شعره على جنب.
صحيح أن الأخذ بأسباب العلم المادي هي سبيل التقدمالعلمي ، و لكن للحفاظ
على هذا التقدم و حمايته من الانهيار يلزمك الدينأو الشريعة الإلهية التي
لا تخضع للهوى و المصالحالشخصية.
كيفذلك ؟و هلستهدم العلمانية ما بناه الأخذ بأسباب التقدم العلمي؟
لو كانت العلمانية ستتوقف عند مرحلة إبعاد الشريعة عن الحكمربما كان الأمر
أخف و الضرر أقل ، مع تحقق الضرر و لكني لن أفصل الحديث فيه.و لكن القطار
الذي سيوصلنا إلى محطة العلمانية – و هي المحطةالثالثة حسب ما كتبته سابقاً
_ لن يتوقف في هذه المحطة سوى برهة من الزمن تطول أو تقصر ثمسيتابع مسيره
حتماً حتى نهاية الطريق إلى المحطة السادسة.أي أن طريق العلمانية لن يكتفي
بنزع الدين من الدولة ، و لكن المصيبةالأكبر أنه سيتبعه حتماً نزع الدين من
النفوس .و هنا عند الوصول بالدولة أو المجتمع إلى هذه المحطة ، تكون
قدخلقت مجتمعاً حيوانياً كل همه هو إشباع رغباته و ملذاته. ليس هناك حدود
للمسموح به ، و ما يحدد الحلال و الحرام هوتقدير كل فرد و قدرته على الفعل و
رغبته في الفعل.و لا شك أن هذه الفوضى من شأنها هدم أي حضارة مهما
علاشأنها.
سيقول قائل و لكن يمكن فرض قوانين صارمة لحماية حقوق البشر ومنع الاعتداء
عليها. و لكن هذا لن يفيد ، فليس بإمكان أي قانون مهما بلغتصرامته أن يواجه
رغبات الإنسان و شهواته.
و الحل هو تهذيب هذه الرغبة داخلياً و اليقين بوجود الإله واليوم الآخر و الثواب و العقاب.
حتى الحدود الإسلامية الجنائية نفسها غير قادرة على حمايةالمجتمع بمعزل عن
العقيدة. و العلمانية حتماً يجب أن تنسف العقيدة في مرحلة من مراحلها ، حسب
المسار الذي تم توضيحه في صدر الموضوع.
ما هوالدليل على ذلك ؟
الدليل على ذلك هو أن المجتمع الغربي عموماً قد شارف على بلوغالمحطة
السادسة إن لم يكن قد بلغها بالفعل. و يؤيد ذلك شهادات من عاشوا هناك و بعض
الاستطلاعات التي تؤكدأن الإلحاد قد ضرب بجذوره في تلك الدول ، و هذه هي
بداية النهاية. و يمكننا استشراف هذه النهاية من عدةمؤشرات :
1. انخفاض معدل المواليد بشكل مرعب في هذه الدول و ارتفاع نسبةالمسنين
الغير قادرين على الإنتاج ، نتيجة البحث عن الملذات الفردية فقط دون النظر
إلىالحكمة الإلهية في تشريع الزواج و الحث على بناء الأسرة البناءالسليم. و
هذا بعد أن تم تنحية فكرة وجود الإله جانباً ، كنتيجةمتأخرة للعلمانية.
2. ارتفاع معدلات الجريمة و العنف رغم وجود القوانين و عدموجود الأمن ، ففي
كثير من هذه البلدان ينصحك الناس بعدم حمل المبالغ الماليةالكبيرة ، و عدم
التأخر ليلاً و تأمين المساكن بشكل كبير ضد السرقات. طبعاً الجرائم موجودة
هنا أيضاً في بلادنا و لكن تذكر أنبلادنا كانت سائرة على طريق العلمانية.
3. الأزمات الاقتصادية الطاحنة التي وقعت فيها هذه الدول نتيجةالنظام المصرفي القائم على الربا.
4. ارتفاع معدلات الانتحار رغم ارتفاع مستوى المعيشة ، و هذالأن الإلحاد و
تناقضاته النفسية تجعل من الإنسان فريسة سهلة للاكتئاب و تجعلههشاً في
مواجه أي مشكلات ،فالطريق بالنسبة له مظلم و لا يعلم نهاية الطريق إلىأين ،
و لا يعلم أن هناك إله يمكنه الالتجاء إليه.
طبعاً قد يقول قائل و لكنهم ما زالوا يتقدمون رغم ذلك.
نعم و لكن تقلبات التاريخ و صعود و هبوط الأمم لا يمكنك النظرإليه بمقياس
السنة أو العقد من الزمان ، و لكنها تحتاج إلى تصغير مقياس الرسم و الرجوع
إلى الخلف عندالنظر إلى اللوحة عندها يمكنك أن ترى المنحنى الحقيقي للصعود و
الهبوط ، دون أنتخدعك التذبذبات اللحظية ، التي قد تستغرق الواحدة منها
سنوات.
أي أن المسألة مسألة وقت ، ليس إلا.