سبحان الله ,, و الحمد لله ,, و الله أكبر ,, و لا إله إلا الله
[size=25].:. السـ.:. ـلام عليكـ.:. ـم .:.
إنَّ الحمد لله نحمدهُ ونستعينهُ ونستغفرهُ ونعـــــــــــــوذُ باللهِ من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا
من يهدهِ اللهُ فلا مضلَّ له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما
فإنَّه لا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً ...
أهلا وسهلا بكل أعضاء و زوار المنتدى الحديث والسيرة النبوية
تحية عطرة عطرها مسك المحبة والاخاء...
يسرني أن أضع بين أيديكم هذه المادة الطيبة والتي هي بعنوان
تعظيم السنة وموقف السلف ممن عارضها أو استهزأ بشيء منها
تعظيم السنة وموقف السلف ممن عارضها أو استهزأ بشيء منها
تقريظ
فضيلة الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي
المدرس بالمسجد النبوي وخطيب مسجد قباء والأستاذ بالجامعة الإسلامية
إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن
سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يُضلل فلا هادي له .. وأشهد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله،
أرسله بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا
منيرًا .. وصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أمَّا بعد:
فإنَّ الله أعلى للسنة مكانها، وأوجب على العباد حبَّها واتباعها، وقيَّض
لها على مرِّ العصور والدهور رجالها وأنصارها، الذين تعلَّموها وعملوا بها
ودعوا إليها، فكانوا أحقَّ بها وأهلها.
بذلوا لِمن والاها صادق محبتهم، ولمن عاداها جليَّ بُغضهم وظاهر عداوتهم،
فهم أهل السُّنة شعارًا ودثارًا، وحماة عرينها ليلاً ونهارًا.
وهذه الرسالة المباركة جُملة من نصوص الكتاب والسُّنة، وشذا من عبير السلف الصالح لهذه الأمة.
فجزى الله الشيخ عبد القيوم بن محمد السحيباني خير الجزاء على هذه الحمية الدينية، والغيرة الصادقة السلفية.
وأسأل الله العظيم أن يجعل فيها فوق ما يُرجَى من الانتفاع، وأن يفتح لها
القلوب والأسماع .. وصلِّي الله وسلِّم وبارك على نبيه وآله وصحبه أجمعين.
كتبه
محمد بن محمد المختار بن محمد
الشنقيطي
22/4/1414هـ
***
المقدمة
إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن
سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادي له ..
وأشهد ألاَّ إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله.
قال تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ
تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ[ [آل عمران :
102].
وقال تعالى: ]يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ
مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا
رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ
وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا[ [النساء : 1].
وقال تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا
قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ
ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا
عَظِيمًا[ [الأحزاب : 70، 71].
إنَّ أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد بن عبد الله صلى الله
عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها، وكلُّ محدثةٍ بدعة، وكلُّ بدعةٍ ضلالة،
وكلُّ ضلالةٍ في النار.
وبعد:
فإنَّ الله أرسل رسوله صلى الله عليه وسلم إلى الناس ليُبيِّن لهم ما
نُزِّل إليهم، ويُخرِجهم من الظلمات إلى النور، ويهديهم إلى صراط مستقيم،
وأوجب عليهم طاعته ومحبته وتعزيره وتوقيره.
قال تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ[ [النساء : 59].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولده والناس أجمعين»([1]).
وقد أخذ بهذا الصحابة رضي الله عنهم ، وساروا عليه، فكانوا لرسول الله صلى
الله عليه وسلم مُحبِّين طائعين، وكانت سُنته وقوله وهديه مُقدَّمةً عندهم
على كلِّ شيء؛ فكلام النبي صلى الله عليه وسلم هو الأول لا يُقدَّم عليه
كلام أحدٍ من البشر كائنًا من كان.
كانوا عن السُنة منافحين، ولها حامين، فإذا رأوا أحدًا يعارضها أو يستهزئ
بشيءٍ منها – قصدًا أو بغير قصد – وبَّخُوه وقرَّعوه وزجروه، ثم هجروه، لا
يكلمونه ولا يساكنونه، وقد يضربونه أو يقتلونه رِدَّةً أو تعزيرًا.
وبذلك حموا السُّنة عن كيد الكائدين وعدوان المعتدين.
وكانوا بواجب النصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم قائمين.
ثم جاء بعدهم التابعون فساروا على طريقهم وحذوا حذوهم.
حتى إذا بَعُدَ الزمان، وطال بالناس العهد، وضعف الإيمان، وكثر الخبث
والنفاق، وقلَّ الورع؛ تجرَّأ كثيرٌ من الناس على القول والكلام، فقال كلٌّ
بهواه، وتكلَّم بما لا يرضاه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
وفي هذا الزمان، زمان الفتن التي يرقِّق بعضها بعضًا، رأينا العجائب والعظائم، رأينا أمورًا لا يسع أحدًا السكوت عنها بحال.
فمن ذلك السخرية والاستهزاء بالسُّنة النبوية، ومعارضتها بالعقول والآراء
والرغبات والعادات، كالسخرية والاستهزاء باللحية، ورفع الرجل ثوبه فوق
الكعبين، وحجاب المرأة، والسواك، والصلاة إلى سترة، وغير ذلك.
فتسمع من يصف تلك الأعمال بأوصاف رديئة، أو يتهكَّم بمن التزم بها، فلم يجد
هؤلاء ما يملئون به فراغهم إلاَّ الضحك والاستهزاء بمن عمل بالسُّنة وحافظ
عليها، فيجعلونه محلاًّ لسخريتهم هازلين لاعبين، فيصدق في مثلهم قوله
صلَّى الله عليه وسلَّم: «وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي
لها بالاً يهوي بها في جهنم»([2]).
ويغفل كثيرٌ من الناس عن أمرٍ خطير، وهو أنَّ الاستهزاء بالدين كفر، سواء
كان على سبيل اللعب والهزل والمزاح، أو على سبيل الجد، فهو كفرٌ مُخرِج من
الملَّة.
قال ابن قدامة: من سبَّ الله تعالى كفر، سواء كان مازحًا أو جادًا، وكذلك
من استهزأ بالله تعالى، أو بآياته، أو برسله، أو كتبه. اهـ([3]).
لهذا قمت بكتابة هذا البحث مشاركةً في التحذير من هذه الظاهرة السيئة،
والتنبيه على خطرها، وبيان موقف المسلم من أصحابها، ذاكرًا بعض الآيات
والأحاديث والآثار في أهمية السُّنة وتعظيمها، وتعجيل عقوبة من عارضها أو
استهزأ بشيءٍ منها، وموقف سلف الأمَّة منه.
وسأقتصر على سرد النصوص وبعض تعليقات الأئمَّة، وهي كافية إن شاء الله في
توضيح الحقِّ وبيان الهدى لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيد، وإن
علَّقت بشيءٍ بعد ذلك فهو يسير بالنسبة لِما ذكرته من النصوص .. والله أسأل
أن ينفعني به ومن بلغ.
وتوضيحًا للمراد من السُّنة أقول:
ليس المراد بالسُّنة هنا المرادف للمندوب والمستحب، المقابل للمكروه فحسب.
وليس المراد كذلك المقابل للقرآن، كما يقولون: «الدليل من الكتاب كذا ومن السُّنة كذا».
ولكن المراد بالسُّنة هنا: الطريق والهدي، أي هدي النبي صلى الله عليه وسلم وطريقته.
فهو عام يشمل الواجب والمستحب، ويشمل العقائد والعبادات والمعاملات والسلوك.
قال علماء السلف: «السُّنة» هي العمل بالكتاب والسُّنة، والاقتداء بصالح السلف، واتِّباع الأثر([4]).
وقال أبو القاسم الأصبهاني:
قال أهل اللغة: «السُّنة» السيرة والطريقة، قولهم «فلان على السُّنة»، و«من
أهل السُّنة»، أي هو موافق للتنـزيل والأثر في الفعل والقول، ولأنَّ
السُّنة لا تكون مع مخالفة الله ومخالفة رسوله صلى الله عليه وسلم ([5]).
قال ابن رجب:
و«السُّنة» هي الطريق المسلوك؛ فيشمل ذلك التمسُّك بما كان عليه صلَّى الله
عليه وسلَّم هو وخلفاؤه الراشدون من الاعتقادات والأعمال والأقوال، وهذه
هي السُّنة الكاملة، ولهذا كان السلف قديمًا لا يُطلقون اسم السُّنة إلا
على ما يشمل ذلك كلَّه.
ورُوي معنى ذلك عن الحسن والأوزاعي والفضيل بن عياض([6]).
& $ &
فصل
في تعظيم السُّنة
قال الله جل وعلا: ]وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى
اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ
أَمْرِهِمْ[ [الأحزاب : 36].
]مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ[ [النساء : 80].
]لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ
يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا[
[الأحزاب : 21].
]وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ[ [النور : 54].
]فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[ [النور : 63].
]أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ
لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ[
[التوبة : 63].
]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ
صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ
لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ[
[الحجرات : 2].
قال ابن القيم تعليقًا على هذه الآية: فحذَّر المؤمنين من حبوط أعمالهم بالجهر لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما يجهر بعضهم لبعض.
وليس هذا برِدَّة، بل معصية تحبط العمل، وصاحبها لا يشعر بها([7]) فما الظن
بمن قدَّم على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهديه وطريقه قول غيره
وهديه وطريقه؟!
أليس هذا قد حبط عمله وهو لا يشعر؟ اهـ([8]).
وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه
وسلم موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا: يا رسول الله، كأنها
موعظة مودِّع، فأوصنا.
قال: «أوصيكم بتقوى الله عز وجل، والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد، فإنه
من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين
المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل
بدعة ضلالة»([9]).
قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : «لست تاركًا شيئًا كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم يعمل به، إلا عملت به، وإني لأخشى إن تركت شيئًا من أمره أن
أزيغ».
علَّق ابن بطة على هذا بقوله: هذا يا أخواني الصدِّيق الأكبر يتخوَّف على
نفسه من الزيغ إن هو خالف شيئًا من أمر نبيه صلى الله عليه وسلم ، فماذا
عسى أن يكون من زمان أضحى أهله يستهزئون بنبيهم وبأوامره، ويتباهون
بمخالفته ويسخرون بسنته؟!.. نسأل الله عصمة من الزلل، ونجاة من سوء
العمل([10]).
قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه : «لا رأي لأحد مع سُنة سنَّها رسول الله صلى الله عليه وسلم »([11]).
وعن أبي قلابة قال: إذا حدَّثت الرجل بالسُّنة فقال «دعنا من هذا وهات كتاب الله» فاعلم أنه ضال([12]).
علَّق الذهبي على هذا بقوله:
وإذا رأيت المتكلِّم المبتدع يقول «دعنا من الكتاب والأحاديث الآحاد وهات
العقل» فاعلم أنه أبو جهل، وإذا رأيت السالك التوحيدي يقول «دعنا من النقل
ومن العقل وهات الذوق والوجد» فاعلم أنه إبليس قد ظهر بصورة بشر أو قد حلَّ
فيه، فإن جبنت منه فاهرب، وإلاَّ فاصرعه، وابرك على صدره، واقرأ عليه آية
الكرسي واخنقه([13]).
قال الشافعي:
أخبرني أبو حنيفة بن سمَّاك بن الفضل الشهابي قال: حدَّثني ابن أبي ذئب عن
المقري عن أبي شريح الكعبي أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال عام الفتح:
«من قُتل له قتيل فهو بخير النظرين؛ إن أحبَّ أخذ العقل، وإن أحب فله قود».
قال أبو حنيفة:
فقلت لابن أبي ذئب: أتأخذ بهذا يا أبا الحارث؟ فضرب صدري، وصاح علي صياحًا
كثيرًا ونال مني وقال: أحدِّثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول:
تأخذ به؟!.. نعم، آخذ به، وذلك الفرض عليّ وعلى من سمعه، إنَّ الله اختار
محمدًا من الناس فهداهم به وعلى يديه، واختار لهم ما اختار له وعلى لسانه،
فعلى الخلق أن يتَّبعوه طائعين أو داخرين، لا مخرج لمسلم من ذلك.
قال: وما سكتَ حتى تمنيتُ أن يسكت ([14]).
قال الشافعي:
أجمع المسلمون على أنَّ من استبان له سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحلّ له أن يدعها لقول أحد([15]).
قال الحميدي:
رَوى الشافعي يومًا حديثًا فقلت: أتأخذ به؟
فقال: رأيتني خرجت من كنيسة أو علي زنار حتى إذا سمعت عن رسول الله حديثًا لا أقول به؟!([16])
وسُئل الشافعي عن مسألة فقال: رُويَ فيها كذا وكذا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال السائل: يا أبا عبد الله، تقول به؟
فارتعد الشافعي وانتفض وقال: يا هذا، أيُّ أرضٍ تقلُّني، وأيُّ سماءٍ
تظلُّني إذا رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا فلم أقل به؟ نعم،
عليّ السمع والبصر([17]).
قال أحمد بن حنبل: من رد حديث النبي صلى الله عليه وسلم فهو على شفا هلكة([18]).
قال البربهاري: وإذا سمعت الرجل يطعن في الآثار أو يريد الآثار، فاتهمه على الإسلام، ولا تشك أنه صاحب هوى مبتدع([19]).
وقال أبو القاسم الأصبهاني:
قال أهل السُّنة من السلف: إذا طعن الرجل على الآثار، ينبغي أن يُتهم على الإسلام([20]).
قال محمد بن يحيى الذهلي:
سمعت يحيى بن يحيى – يعني أبا زكريا التميمي النيسابوري – يقول: الذّبُّ عن السُّنة أفضل من الجهاد في سبيل الله.
قال محمد: قلت ليحيى: الرجل يُنفق ماله، ويتعب نفسه ويجاهد، فهذا أفضل منه؟! قال: نعم، بكثير([21]).
قال أبو عبيد القاسم بن سلام: المتَّبِع لِلسُّنة كالقابض على الجمر، وهو اليوم عندي أفضل من الضرب بالسيوف في سبيل الله([22]).
قال الحميدي: والله لأن أغزو هؤلاء الذين يردُّون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبّ إليّ من أغزو عدَّتهم من الأتراك([23]).
قال مالك بن أنس: السُّنة سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلَّف عنها غرق([24]).
& & &
فصل
في تعجيل عقوبة من لم يُعظِّم السُّنة
عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أنَّ رجلاً أكل عند رسول الله صلى الله
عليه وسلم بشماله، فقال: «كل بيمينك»، قال: لا أستطيع. قال: «لا استطعت؟ ما
منعه إلاَّ الكبر» قال: ما رفعها إلى فيه([25]).
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يُشرب من فِيّ السقاء([26]).
قال أيوب: فأُنبِئت أنَّ رجلاً شرب من فِيّ السقاء فخرجت حيَّة([27]).
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بينما
رجل يتبختر في بردين خسف الله به الأرض، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة».
فقال له فتى: يا أبا هريرة، أهكذا كان يمشي ذلك الفتى الذي خُسف به؟ ثم ضرب بيده فعثر عثرة كاد يتكسَّر منها.
عن عبد الرحمن بن حرملة قال:
جاء رجل إلى سعيد بن المسيب يودِّعه بحجٍّ أو عمرة، فقال له: لا تبرح حتى
تصلِّي؛ فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يخرج بعد النداء من
المسجد إلا منافق، إلا رجل أخرجته حاجة وهو يُريد الرجعة إلى المسجد».
فقال: إنَّ أصحابي بالحرَّة. فخرج، فلم يزل سعيد يذكره، حتى أُخبِر أنه وقع من راحلته فانكسرت فخذه([28]).
قال أبو عبد الله محمد بن إسماعيل التيمي في شرحه لصحيح مسلم:
قرأت في بعض الحكايات أنَّ بعض المبتدعة حين سمع قول النبي صلى الله عليه
وسلم : «إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها، فإنه
لا يدري أين باتت يده»([29]).
قال ذلك المبتدع على سبيل التهكم: أنا أدري أين باتت يدي، باتت في الفراش!
فأصبح وقد أدخل يده في دُبره إلى ذراعه..!
قال التيمي:
فليتَّق المرء الاستخفاف بالسُنن ومواضع التوقيف، فانظر كيف وصل إليه شؤم فعله([30]).
وعن أبي يحيى الساجي قال:
كنا نمشي في أزقَّة البصرة إلى باب بعض المحدثين، فأسرعنا المشي ومعنا رجلٌ
ماجنٌ مُتَّهمٌ في دينه، فقال مستهزِئًا: ارفعوا أرجلكم عن أجنحة الملائكة
لا تكسروها.
فلم يزل من موضعه حتى جفَّت رجلاه وسقط([31]).
قال النووي:
قال الحافظ عبد الحافظ: إسناد هذه الحكاية كالوجد أو كرأي العين، لأنَّ رواتها أعلام أئمَّة.
وقال القاضي أبو الطيب:
كنا في مجلسٍ بجامع المنصور، فجاء شاب خراساني، فسأل عن مسألة المصراة،
فطالب بالدليل، حتى استدلَّ بحديث أبي هريرة الوارد فيها، فقال (وكان
حنفيًا): أبو هريرة غير مقبول الحديث.
فما استتمَّ كلامه حتى سقطت عليه حيَّة عظيمة من سقف الجامع، فوثب الناس من أجلها، وهرب الشاب منها، وهي تتبعه، فقيل له: تب، تب.
فقال: تبت، فغابت الحية، فلم يُرَ لها أثر..!
قال الذهبي: إسنادها أئمة ([32]).
وقال قطب الدين اليونيني:
بلغنا أنَّ رجلاً يُدعى «أبا سلامة» من ناحية بصري كان فيه مجون واستهتار،
فذُكِر عنده السواك وما فيه من الفضيلة فقال: والله لا أستاك إلاَّ في
المخرج – يعني دبره - فأخذ سواكًا فوضعه في مخرجه ثم أخرجه .. فمكث بعده
تسعة أشهر وهو يشكو من ألم في البطن والمخرج..!
فوضع ولدًا على صفة الجرذان له أربعة قوائم ورأسه كرأس السمكة، وله دُبر
كدُبر الأرنب، ولَمَّا وضعه صاح ذلك الحيوان ثلاث صيحات، فقامت ابنة ذلك
الرجل فرضخت رأسه فمات، وعاش ذلك الرجل بعد وضعه له يومين، ومات في الثالث،
وكان يقول: هذا الحيوان قتلني، وقطَّع أمعائي.
وقد شاهد ذلك جماعة من أهل تلك الناحية وخطباء ذلك المكان، ومنهم من رأى ذلك الحيوان حيًّا، ومنهم من رآه بعد موته([33]).
يتبع بإذن الله...[/size]