سبحان الله ,, و الحمد لله ,, و الله أكبر ,, و لا إله إلا الله
واسألهم عن القرية التي كانت
حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا
يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون " 163 الأعراف
هذا السياق هو بسط لقوله تعالى :
" ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين ) [ البقرة : 65 ]
يقول [ الله ] تعالى ، لنبيه صلوات الله وسلامه عليه : ( واسألهم ) أي :
واسأل هؤلاء اليهود الذين بحضرتك عن قصة أصحابهم الذين خالفوا أمر الله ،
ففاجأتهم نقمته على صنيعهم واعتدائهم واحتيالهم في المخالفة ، وحذر هؤلاء
من كتمان صفتك التي يجدونها في كتبهم ; لئلا يحل بهم ما حل بإخوانهم وسلفهم
. وهذه القرية هي " أيلة " وهي على شاطئ بحر القلزم .
وقوله : إذ يعدون في السبت ) أي : يعتدون فيه ويخالفون أمر الله فيه لهم
بالوصاة به إذ ذاك" . ( إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا " قال الضحاك ،
عن ابن عباس : أي ظاهرة على الماء .
وقال العوفي ، عن ابن عباس : شرعا من كل مكان .
قال ابن جرير : وقوله : ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم "
أي : نختبرهم بإظهار السمك لهم على ظهر الماء في اليوم المحرم عليهم صيده ،
وإخفائه عنهم في اليوم المحلل لهم صيده "كذلك نبلوهم" ) نختبرهم ( بما
كانوا يفسقون ) يقول : بفسقهم عن طاعة الله وخروجهم عنها .(
وهؤلاء قوم احتالوا على انتهاك محارم الله ، بما تعاطوا من الأسباب الظاهرة التي معناها في الباطن تعاطي الحرام .
الفائدة والدروس المستفادة من هذا القصص الحق :
قال الفقيه الإمام أبو عبد الله بن بطة ، رحمه الله : حدثنا أحمد بن محمد
بن مسلم ، حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني ، حدثنا يزيد بن هارون ،
حدثنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ; أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال ": لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود ، فتستحلوا محارم الله
بأدنى الحيل "
وهذا إسناد جيد ، فإن أحمد بن محمد بن مسلم هذا ذكره الخطيب في تاريخه
ووثقه ، وباقي رجاله مشهورون ثقات ، ويصحح الترمذي بمثل هذا الإسناد كثيرا .
1- التحايل على محارم الله يؤدي إلى نزول عقوبات الله العامة .
2- ومن هذه العقوبات أن يجعل بأس الناس بينهم شديد .
3- ومن هذه العقوبات أن يذيق بعضهم بأس بعض .
4- ومن هذه العقوبات أن يفرق جمعهم ويذهب ريحهم .
5- ومن هذه العقوبات أن يرسل عليهم عذابا من فوقهم كالريح والصواعق كما جاءت الآيات تبين ذلك فهي جند من جنود الله .
6- ومن هذه العقوبات أن يزلزل الأرض من تحتهم .
7- ومن هذه العقوبات أن يرسل عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع آيات مفصلات ....لعلهم يرجعون عن ما ارتكبوا من معاصي وذنوب .
فالله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون ....
فكما تكونوا يولى عليكم .....
فإذَا أَرادَ الرَّعيَّةُ أن يَتخلَّصوا من ظُلم الأَمير الظَّالِم
فَلْيَتركوا الظُّلمَ ( ظلم أنفسهم )، وعن مَالك بن دِينارٍ أنَّه جاءَ في
بَعض كتُب الله: «أنا اللهُ مالِكُ المُلك، قُلوبُ المُلوكِ بيَدي، فمَن
أَطاعَني جعَلتُهم علَيه رَحمةً، ومَن عَصَاني جعَلتُهم علَيه نِقمةً، فلاَ
تَشغَلوا أَنفسَكم بسَبِّ المُلوكِ، لَكن تَوبُوا أُعَطِّفهم علَيكُم».
وهَذا الخبرُ لاَ يَضرُّه أن يَكونَ من الإسرائيليَّاتِ؛ لأنَّه داخلٌ تحتَ
قَولِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: «حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ
ولاَ حَرَجَ» رواه البخاري (3461)، وليسَ فيهِ مَا تَدفعُه شَريعتُنا،
فكيفَ وهو مُوافقٌ لِقَواعدِها وأُصولِها كما مرَّ؟! بل جاءَت بَعضُ
أَخبارِ الأُمم السَّابقةِ تؤيِّده؛ فعن مَالِك بن دِينَارٍ قالَ:
«قَرَأْتُ فِي الزَّبُورِ: إِنِّي أَنْتَقِمُ مِنَ المُنَافِقِ
بِالمُنَافِقِ، ثُمَّ أَنْتَقِمُ مِنَ المُنَافِقِينَ جَمِيعًا؛ وَذَلِكَ
فِي كِتَابِ الله قَوْلُ الله: "وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ
بَعْضًا بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُون" [الأنعام:129]» روَاه ابن أبي حاتم في
«تفسيره» عندَ هَذه الآيةِ بسندٍ صَحيحٍ.
ولذَلك استَشهدَ به ابن تَيمية في «منهاج السُّنة» (4/546) مع قولِهم: كما
تَكونوا يوَلَّى علَيكم، وقالَ: «بل فتنُ كلِّ زَمانٍ بحسَب رِجالِه»،
وقالَ أيضًا في «مجموع الفتاوى» (35/20): «وَقَدْ ذَكَرْتُ في غَيْرِ هَذَا
المَوْضُوعِ([2]) أَنَّ مَصِيرَ الأَمْرِ إلَى المُلُوكِ ونُوَّابِهِم مِن
الوُلاَةِ والقُضَاةِ والأُمَرَاءِ لَيْسَ لِنَقْصٍ فِيهِمْ فَقَطْ، بَلْ
لِنَقْصٍ فِي الرَّاعِي والرَّعِيَّةِ جَمِيعاً؛ فَإِنَّهُ (كَمَا
تَكُونُونَ يُوَلَّى عَلَيْكُمْ)، وقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: "
وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا "، وقَد اسْتَفَاضَ
وتَقَرَّرَ فِي غَيْرِ هَذَا المَوْضِعِ مَا قَدْ أَمَرَ بِهِ صلى الله
عليه وسلم مِنْ طَاعَةِ الأُمَرَاءِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةِ الله
ومُنَاصَحَتِهِمْ والصَّبْرِ عَلَيْهِمْ فِي حُكْمِهِمْ وقَسْمِهِمْ
والغَزْوِ مَعَهُمْ والصَّلاةِ خَلْفَهُمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ
مُتَابَعَتِهِمْ فِي الحَسَنَاتِ الَّتِي لاَ يَقُومُ بِهَا إلاَّ هُمْ؛
فَإِنَّهُ مِنْ بَابِ التَّعَاوُنِ عَلَى البِرِّ والتَّقْوَى، وَمَا نَهَى
عَنْهُ مِنْ تَصْدِيقِهِمْ بِكَذِبِهِمْ وإِعَانَتِهِمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ
وطَاعَتِهِمْ فِي مَعْصِيَةِ الله وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مِنْ بَابِ
التَّعَاوُنِ عَلَى الإِثْمِ والعُدْوَانِ، ومَا أَمَرَ بِهِ أَيْضًا مِن
الأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ والنَّهْيِ عَن المُنْكَرِ لَهُمْ ولِغَيْرِهِمْ
عَلَى الوَجْهِ المَشْرُوعِ، ومَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مِنْ تَبْلِيغِ
رِسَالاَتِ الله إلَيْهِمْ، +بِحَيْثُ لاَ يَتْرُكُ ذَلِكَ جُبْنًا ولاَ
بُخْلاً ولاَ خَشْيَةً لَهُمْ ولاَ اشْتِرَاءً لِلثَّمَنِ القَلِيلِ
بِآيَاتِ الله، ولاَ يَفْعَلُ أَيْضًا لِلرِّئَاسَةِ عَلَيْهِمْ ولاَ عَلَى
العَامَّةِ، ولاَ لِلحَسَدِ ولاَ لِلكِبْرِ ولاَ لِلرِّيَاءِ لَهُمْ ولاَ
لِلْعَامَّةِ، ولاَ يُزَالُ المُنْكَرُ بِمَا هُوَ أَنْكَرُ مِنْهُ،
بِحَيْثُ يُخْرَجُ عَلَيْهِمْ بِالسِّلاحِ وتُقَامُ الفِتَنُ، كَمَا هُوَ
مَعْرُوفٌ مِنْ أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ والجَمَاعَةِ كَمَا دَلَّتْ
عَلَيْهِ النُّصُوصُ النَّبَوِيَّةُ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِن الفَسَادِ
الَّذِي يَرْبُو عَلَى فَسَادِ مَا يَكُونُ مِنْ ظُلْمِهِمْ».
الاستمساك بالكتاب و السنّة و في الموطأ من حديث مالك بن أنس: بلغه أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال: ((تركت فيكم أمرين، لن تضلوا ما تمسكتم
بهما: كتاب الله و سنة نبيه)) (الموطأ: كتاب الجامع، النهي عن القول بالقدر
ص648)