سبحان الله ,, و الحمد لله ,, و الله أكبر ,, و لا إله إلا الله
القرآن يشهد بأنه موحى
إن كنا نستنطق القرآن فإنه يشهد بكونه موحى إلى نبي الإسلام محمد ( صلى الله عليه و آله ) كما أوحى إلى النبيين من قبله : " [b]إِنَّا
أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن
بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإْسْحَقَ
وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ
وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا * وَرُسُلاً قَدْ
قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ
وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا" [1] .
﴿ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ
شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ
هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ ... ﴾ [2] .
و الآيات بهذا الشأن كثيرة ، ناطقة صريحا بكون القرآن موحى ألى نبي الإسلام وحيا مباشريّاً لينذر قومه و من بلغ كافة .
أما أنه ( صلى الله عليه و آله )
تلقاء ( التقطه ) من كتب السالفين و تعلمه من علماء بني إسرائيل فهذا شيء
غريب يأباه نسج القرآن الحكيم .
القرآن في زبر الأولين
و أما ما تذرع به صاحبنا الاسقف درة فملامح الوهن عليه بادية بوضوح :
قوله تعالى : ﴿ إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى ﴾ [3] .
هذا إشارة إلي نصائح تقدمت الآية ﴿ قَدْ
أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى * بَلْ
تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ [4] . و ذلك تأكيد على أن ما جاء به محمد ( صلى الله عليه و آله ) لم يكن بدعا مما جاء به سائر الرسل ﴿ قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ ...
﴾ [5] . فليس الذي جاء به نبي الإسلام جديدا لا سابقة له في رسالات الله ،
الأمر الذي يستدعيه طبيعة وحي السماء العالم و في كل الأدوار من آدم فإلى
الخاتم . فإن شريعة الله واحدة لا يختلف بعضها عن بعض . فالإشارة راجعة
إلي محتويات الكتاب توالى نزولها حسب توالي بعثة الأنبياء . فالنصائح و
الإشادات تكررت مع تكرر الأجيال . هذا ما تعنيه الآية لا ما زعمه صاحبنا
الأسقف !
و هكذا قوله تعالى : ﴿ أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ﴾ [6] .
يعود الضمير إلي من وقف وجه الدعوة
مستهزئا بأن سوف يتحمل آثام الآخرين إن لم يؤمنوا بهذا الحديث . فيرد
عليهم القرآن : ألم يبلغهم أن كل إنسان سوف يكافأ حسب علمه و لاتزر وازرةٌ
وِزر اُخرى ؟ فإن لم يعيروا القرآن اهتماما فليعيروا اهتمامهم لما جاء في
الصحف الأولى ، و هلا بلغهم ذلك و قد شاع و ذاع خبره منذ حين ؟! و هكذا
سائر الآيات تروم هذا المعني لاغير !
﴿ أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ [7]
و آية اخرى على صدق الدعوة المحمدية : أن الراسخين في العلم من أهل الكتاب يشهدون بصدقها مما عرفوا من الحق :
﴿ لَّكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ ... ﴾ [8] ( أي من أهل الكتاب ) ﴿ ...وَالْمُؤْمِنُونَ ... ﴾ [9] ( أي من أهل الإسلام ) ﴿ ... يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ ... ﴾ [10] .
﴿ وَإِذَا سَمِعُواْ مَا
أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ
مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا
مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾ [11] . و هؤلاء هم القساوسة و الرهبان
الذين لا يستكبرون ، ومن ثم فهم خاضعون للحق أين وجدوه ، و بالفعل فقد
وجدوه في حظيرة الإسلام .
﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَكَفَرْتُم بِهِ ... ﴾ [12] ( أيّها الكافرون بالقرآن ) ﴿ ... وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ ... ﴾ [13] ( ممّن آمن برسالة الإسلام ) ﴿ ... عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ ... ﴾ [14].
الضمير في قوله ﴿ ... عَلَى مِثْلِهِ ...
﴾ [15] يعود إلى القرآن . يعني أن من علماء بني إسرائيل من يشهد بأن
تعاليم القرآن تماما مثل تعاليم التوراة التي أنزلها الله على موسى ، و
لذا آمن به لما قد لمس فيه من الحق المتطابق مع شريعة الله في الغابرين .
و كثير من علماء أهل الكتاب آمنوا
بصدق رسالة الاسلام فور بلوغ الدعوة اليهم ، حيث وجدوا ضالتهم المنشودة في
القرآن فآمنوا به . فكانت شهادة علمية إلى جنب تصرحهم بذلك علنا على
الملأ من بني إسرائيل .
و هذا هو معني شهادة علماء بني
إسرائيل بصدق الدعوة ، حيث وجدوها متطابقة مع معايير الحق الذي عندهم . لا
ما حسبه صاحبنا الأسقف بعد أربعة عشر قرنا أنه مقتبس من كتبهم و متلقى من
أفواههم هم !! الأمر الذي لم يقله أولئك الأنجاب و قد أنصفوا الحق الصريح
! ﴿ ... وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ ... ﴾ [16] . ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمُ ... ﴾ [17] .
و هذه المعرفة ناشئة عن لمس الحقيقة
في الدعوة ذاتها وفقاً لمعايير وافتهم علي أيدي الرسل من قبل . و قد لمسها
أمثال صاحبنا الاُسقف اليوم أيضا و لكن .كالذين من قبلهم ﴿ ... فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [18] . ممن حاول إخفاء الحقيقة ـ قديما و حديثا ـ فضلّوا و أضلّوا و ما كانوا مهتدين . [19]
آية الله الشيخ محمد هادي معرفة ( رحمه الله )
---------------------------------------------------------------
الهوامش:
1- القران الكريم : سورة النساء ( 4 ) ، الآية : 163 و 164 ، الصفحة : 104 .
2- القران الكريم : سورة الأنعام ( 6 ) ، الآية : 19 ، الصفحة : 130 .
3- القران الكريم : سورة الأعلى ( 87 ) ، الآية : 18 و 19 ، الصفحة : 592 .
4- القران الكريم : سورة الأعلى ( 87 ) ، الآيات : 14 - 17 ، الصفحة : 591 .
5- القران الكريم : سورة الاحقاف ( 46 ) ، الآية : 9 ، الصفحة : 503 .
6- القران الكريم : سورة النجم ( 53 ) ، الآية : 36 و 37 ، الصفحة : 527 .
7- القران الكريم : سورة الشعراء ( 26 ) ، الآية : 197 ، الصفحة : 375 .
8- القران الكريم : سورة النساء ( 4 ) ، الآية : 162 ، الصفحة : 103 .
9- القران الكريم : سورة النساء ( 4 ) ، الآية : 162 ، الصفحة : 103 .
10 القران الكريم : سورة النساء ( 4 ) ، الآية : 162 ، الصفحة : 103 .
11- القران الكريم : سورة المائدة ( 5 ) ، الآية : 83 ، الصفحة : 122 .
12- القران الكريم : سورة الاحقاف ( 46 ) ، الآية : 10 ، الصفحة : 503 .
13- القران الكريم : سورة الاحقاف ( 46 ) ، الآية : 10 ، الصفحة : 503 .
14- القران الكريم : سورة الاحقاف ( 46 ) ، الآية : 10 ، الصفحة : 503 .
15- القران الكريم : سورة الاحقاف ( 46 ) ، الآية : 10 ، الصفحة : 503 .
16- القران الكريم : سورة الأنعام ( 6 ) ، الآية : 114 ، الصفحة : 142 .
17- القران الكريم : سورة الأنعام ( 6 ) ، الآية : 20 ، الصفحة : 130 .
18- القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 89 ، الصفحة : 14 .
19- شبهات وردود حول القرآن الكريم . [/b]