سبحان الله ,, و الحمد لله ,, و الله أكبر ,, و لا إله إلا الله
الاقتباس من القرآن ، أنواعه ، وأحكامه
أولًا :
الاقتباس في الاصطلاح : تضمين المتكلم كلامه - شعراً كان أو نثراً - شيئاً من القرآن ، أو الحديث ، على وجه لا يكون فيه إشعار بأنه من القرآن أو الحديث .
"الموسوعة الفقهية" (6/16 ، 17) .
ثانياً:
أنواع الاقتباس :
في " الموسوعة الفقهية " ( 6 / 16 ، 17 ) :
الاقتباس على نوعين :
أحدهما : ما لم ينقل فيه المقتبَس ( بفتح الباء ) عن معناه الأصلي ، ومنه قول الشاعر :
قد كان ما خفت أن يكونا *** إنا إلى الله راجعونا
وهذا من الاقتباس الذي فيه تغيير يسير ؛ لأن الآية ( وإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) البقرة/156.
والثاني : ما نقل فيه المقتبَس عن معناه الأصلي كقول ابن الرومي :
لئن أخطأتُ في مدحِـ ,,, ـك ما أخطأتَ في منعي
لقد أنزلتُ حاجاتي ,,, " بوادٍ غير ذي زرع "
فقوله " بواد غير ذي زرع " : اقتباس من القرآن
الكريم ، فهي وردت في القرآن الكريم بمعنى " مكة المكرمة " ، إذ لا ماء
فيها ولا نبات ، فنقله الشاعر عن هذا المعنى الحقيقي إلى معنى مجازي ، هو :
" لا نفع فيه ولا خير " .
ثالثاً:
حكم الاقتباس :
جاء في "الموسوعة الفقهية" ( 6 / 17 ، 18 ) : "
يرى جمهور الفقهاء جواز الاقتباس في الجملة ، إذا كان لمقاصد لا تخرج عن
المقاصد الشرعية ، تحسيناً للكلام ، أما إن كان كلاماً فاسداً : فلا يجوز
الاقتباس فيه من القرآن ، وذلك ككلام المبتدعة ، وأهل المجون ، والفحش .
ونقل السيوطي عن " شرح بديعية " ابن حجة أن الاقتباس ثلاثة أقسام :
الأول : مقبول ، وهو ما كان في الخطب والمواعظ والعهود .
والثاني : مباح ، وهو ما كان في الغزل والرسائل والقصص .
والثالث : مردود ، وهو على ضربين .
أحدهما : اقتباس ما نَسبه الله إلى نفسه ، بأن ينسبه المقتبس إلى نفسه ، كما قيل عمن وقع على شكوى بقوله : " إن إلينا إيابهم ، ثم إن علينا حسابهم " !! .
والآخر : تضمين آية في معنى هزل ، أو مجون .
قال السيوطي : وهذا التقسيم حسن جدّاً ، وبه أقول " انتهى .
وبهذا التقسيم الأخير يقول العلماء المحققون ، وليس ثمة فرق بين الشِّعر والنثر عندهم .
1. سئل علماء اللجنة الدائمة عن : استعمال بعض آيات القرآن في المزاح ما بين الأصدقاء ، مثال : ( خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ) الحاقة/30 ، ( وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ ) عبس/40 ، ( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ ) الفتح/29 ، هل يجوز استعمال هذه الآيات في المزاح ما بين الأصدقاء ؟ .
فأجابوا : " لا يجوز استعمال آيات القرآن في
المزاح على أنها آيات من القرآن ، أما إذا كانت هناك كلمات دارجة على
اللسان لا يقصد بها حكاية آية من القرآن أو جملة منه : فيجوز.
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم " انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 4 / 82 ، 83 ) .
2. وسئل علماء اللجنة الدائمة – أيضاً – : ما حكم تأول القرآن عندما يعرض لأحد منَّا شيءٌ من أمور الدنيا ، كقول أحدنا عندما يحصل عليه شدة ، أو ضيق : ( تَؤُزُّهُمْ أَزًّا ) مريم/83 .
عندما يلاقي صاحبه : ( جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى ) طه/40 .
عندما يحضر طعام : ( كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ) الحاقة/24 .
إلى آخر ما هنالك مما يستعمله بعض الناس اليوم ؟ .
فأجابوا : " الخير في ترك استعمال هذه الكلمات وأمثالها فيما ذكر ؛ تنزيهاً للقرآن ، وصيانة له عما لا يليق.
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم " انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 4 / 81 ، 82 ) .
3. وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
كثيراً ما يتناقل بعض الناس أثناء الحديث على ألسنتهم آيات من القرآن
الكريم ، أو من السنَّة على سبيل المزاح ، مثاله : كأن يقول بعضهم : فلان ( نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا ) الشمس/13 ، أو قول بعضهم للبعض : ( لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ) الكافرون/ 6 ، واليوم رأينا نون وما يعلمون ، وهكذا ، ومن السنَّة : كأن يقول أحدهم إذا ذُكّر ونُصح بترك المعصية : يا أخي ( التقوى هاهنا ) ، أو قوله : ( إن الدين يسر ) وهكذا .
فما قولكم في أمثال هؤلاء ؟ وما نصيحتكم لهم ؟ .
فأجاب : " أما من قال هذا على سبيل الاستهزاء
والسخرية : فإنه على خطر عظيم ، وقد يقال إنه خرج من الإسلام ؛ لأن القرآن
لا يجوز بأي حال من الأحوال أن يُتخذ هزواً ، وكذلك الأحكام الشرعية ، كما
قال الله تبارك وتعالى : ( يَحْذَرُ
الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا
فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا
تَحْذَرُونَ . وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ
وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ
تَسْتَهْزِئُونَ . لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ
إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ
كَانُوا مُجْرِمِينَ ) التوبة/64 – 66 .
ولهذا قال العلماء رحمهم الله : من قال
كلمة الكفر ولو مازحاً : فإنه يكفر ، ويجب عليه أن يتوب ، وأن يعتقد أنه
تاب من الردة ، فيجدد إسلامه ، فآيات الله عز وجل ورسوله أعظم من أن تتخذ
هزواً أو مزحاً .
أما من استشهد بآية على واقعة جرت وحدثت : فهذا لا بأس به ، فإن رسول الله
صلى الله عليه وسلم استشهد بالآيات على الوقائع ، فاستشهد بقوله تعالى : ( إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ) التغابن/15 ، حينما جاء الحسن والحسين يتعثران في أثوابهما ، فنزل من المنبر صلى الله عليه وسلم ، وقال : ( إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَة )
التغابن/15 ، فالاستشهاد بالآيات على الوقائع : لا بأس به ، وأما أن تنزّل
الآيات على ما لم يُرد الله بها - ولاسيما إن قارن ذلك سخرية واستهزاء - :
فالأمر خطير جدّاً " انتهى .
"لقاءات الباب المفتوح" (60/السؤال الأول) .
4. وسئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان – حفظه الله – : نسمع كثيراً من الإخوان يستخدمون الآيات القرآنية لضرب أمثلة ، كقوله تعالى : ( لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِن جُوعٍ )
الغاشية/7 ، وقوله : ( مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ ) طه/55 .
فهل هذا جائز أم لا ؟ وإذا كان جائزاً : ففي أي الحالات يمكن ذكرها وترديدها ؟ .
فأجاب : " لا بأس بالتمثل بالقرآن الكريم إذا كان لغرض صحيح ، كأن يقول : هذا الشيء لا يُسمن ، ولا يُغني من جوع ، أو يقول : ( مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ )
طه/55 ، إذا أراد التذكير بحالة الإنسان مع الأرض ، وأنه خلق منها ، ويعود
إليها بعد الموت ثم يبعثه الله منها ، فالتمثل بالقرآن الكريم إذا لم يكن
على وجه السخرية والاستهزاء : لا بأس به ،
أما إذا كان على وجه السخرية والاستهزاء : فهذا يعتبر ردة عن الإسلام ؛ لأن
من استهزأ بالقرآن الكريم أو بشيء من ذكر الله عز وجل ، وهزل بشيء من ذلك :
فإنه يرتد عن دين الإسلام ، كما قال تعالى : ( قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ . لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) التوبة/65 ، 66 ، فيجب تعظيم القرآن واحترامه " انتهى .
"المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان" (2 /79 ) .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
المشرف العام الشيخ/محمد صالح المنجد