سبحان الله ,, و الحمد لله ,, و الله أكبر ,, و لا إله إلا الله
الحمد لله رب العالمين
ناصر الإسلامِ وناشر الأديان ومُنَزِّلِ الكتاب ، عليمٌ خبيرٌ رحيمٌ رحمنٌ
ديَّانُ ، هزم الأحزاب ، أرسل رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم لهداية
العباد إلى عبادة رب العباد ، ونبذ الأخلاق السيئة والكبر والغرور والكذب
وتعاطي الخمور إلى رب رحيم غفور...
أما بعد...
يقول تعالى في كتابه العزيز : (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ
بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ( ثَانِيَ عِطْفِهِ
لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ(9) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ
وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ(10) سورة الحج
هُنالك الكثيرون مِمَّن يُكابرون في في آيات الله ويتكبَّرون عن ذكره
وعبادته ، والأدهى من ذلك والطامَّةُ الكبرى الذين يجادلون في الله بغير
علمٍ ، قال الإمام أحمد حدثنـــــا عبد الله حدثني أبي حدثنا عبد الواحد
الحداد حدثنا شهاب بن خراش عن حجاج بن دينار عن أبي غالب عن أبي أمامة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
-ما ضل قوم بعد هُدىً كانوا عليه إلا أوتوا الجدل ثم تلا هذه الآية "ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون" .
أي أنَّ للناسِ في التعامل والنقاش أسلوبٌ يعتمدُ على الحقِّ والمنطقِ ،
فأهل الدين والشريعة يجادلون بعملهم في الكتاب الحكيم والسنة الشريفة
المطهَّرة وأقوال الصحابة والأئمة السابقين واجتهاداتهم ، لكن أهل الجدل
يجادلون بغير منطقٍ ولا حُجَّةٍ ولا كتابٍ منيرٍ ، أي لا من الكتاب ولا
حِكَمِ الرسولِ ولا سُنَّتِهِ ، ولا علمِ الأوَّلينَ ولا كلامٍ يقبلُهُ
عاقِلٌ يهتدي إلى الحقِّ.
ثاني عطفه قال العلماء في معناها : أي لاوي عِطفه وهي رقبته يعني يُعرِضُ
عمَّا يأتيه من الحق ويُثني رقبته استكبارا ، كمنْ أدارَ ظهرهُ لكتاب الله
وللرسول كأفعال المنافقين والمشركين والعياذ بالله.
فسيُخزيه اللهِ عزَّ وجلَّ في الدنيا بالنكالِ والسجن والتعذيب والأمراض
وكُرْهِ الناسِ له ونبْذِهِ في المجتمع ، ويوم القيامة يُحَرِّقُهُ اللهُ
في نار جهنَّم التي وصفها الله بأوصافٍ عديدةٍ مُخيفةٍ ، هِيَ بعيدةُ المدى
قعرها بعيد وحَرُّها شديد وفيها الأنكال والمقامع والحديد ، تُصهر الجلود
ومن دخلها لا يعود.
]« وأن الله ليس بظلام للعبيد » أي لا يظلم أحدا من خلقه بل هو الحكم العدل
الذي لا يجور تبارك وتعالى وتقدس وتنزه الغني الحميد ولهذا جاء في الحديث
الصحيح عن مسلم رحمه الله « 2577 » من رواية أبي ذر رضي الله عنه عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى يقول ياعبادي إني حرمت الظلم على
نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ياعبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم
فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه[
من تفسير ابن كثير.
فإذا أصابَ أحدًا من الناسِ ضُرٌّ قال مِمَّا هذا ومن أين جاءني ؟؟ فقلْ لهُ : (ذلك بما قدمت يداك)
تجُدُ الرجلُ لا يدع أحدًا من شّرِّهِ يؤذي الناس بلسانه ويديه ويبطش بهم ،
ويأخذ أموالهم ، ثم إذا مرض قال مِمَّا هذا ؟ فجوابه (ذلك بما قدمت يداك) ،
والسارق لمَّا تُقطع يده (ذلك بما قدمت يداك) والقاتُلُ لمَّا يقتل قصاصًا
(ذلك بما قدمت يداك) ، والزاني المُحصنُ حين يُرجم (ذلك بما قدمت يداك) .
ولا يُعارض ذلك أن يكونَ المؤمنُ يصابُ ببعض الأمراض والتعب والمشاكل قال
تعالى : وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ
مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ(155)
الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ
وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ(156) أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن
رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ(157) سورة البقرة
حدثنـــــا عبد الله حدثني أبي حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة حدثنا ثابت
عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب قال:-بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم
قاعد مع أصحابه إذ ضحك فقال ألا تسألوني مم أضحك قالوا يا رسول الله ومم
تضحك قال عجبت لأمر المؤمن إن أمره كله خير إن أصابه ما يحب حمد الله وكان
له خير وإن أصابه ما يكره فصبر كان خير له. رواه أحمد
ومثل هذه الآية (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) سورة الشورى آية 30
ولا يُنافي ذلك الحديث الذي رواه أحمد قال حدثنـــــا عبد الله حدثني أبي
حدثنا يونس حدثنا ليث عن يزيد عن عمرو مولى المطلب عن عاصم بن عمر بن قتادة
عن محمود بن لبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:-إذا أحب الله قوما
ابتلاهم فمن ابتلاهم فمن صبر فله الصبر ومن جزع فله الجزع.
يا أيُّها المسلمون لا تيأسوا من رحمة الله ، إنَّ تأخُّرنا وما نحن فيه من
الهوان هُو (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ
أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) ، و(إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا
بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ)
وليس اللهُ بظالمٍ لأحدٍ فقد حرَّم الظلم على نفسه ، يا أخي المؤمن وأختي
المؤمنة إنَّنا خطَّائون وخيرُ الخطَّائينَ التوابون ، إنَّ للظالمين نهاية
ألم تَرَ تكبُّرَ فرعون أورده الهلاكَ ، هذا الذي قال إنَّهُ إلهٌ من دون
اللهِ فأغرقهُ الله (ذلك بما قدمت يداك وأنَّ الله ليس بظلامٍ للعبيد) ،
قارون تكبَّر فخسف الله به (ذلك بما قدمت يداك وأنَّ الله ليس بظلامٍ
للعبيد).
عادٌ وثمود وقوم إبراهيم وقوم نوحٍ والمؤتفكات أهلكهم الله بكفرهم وتكذبيهم
لله ولرُسُلِهِ (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ
لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ) سورة الأنفال آية 51
يا عبد الله المؤمن لا تُلقي اللَّوْمَ على الله والقدر والدنيا والناس
والدين ، إنَّ ما يُصيبُك في هذه الدنيا فبعلم الله ، إن كان خيرا أو شرًّا
فهو فتنة لك ليرى الله عملك فيُجازيك به ،
إن صبرت وشكرت الله وحمدت الله جزاك خيرًا ورفع قدْرَكَ وأعظم أجرك ، وإن
تسَخَّطتَّ وتضجَّرت فلك السُّخط عياذا بالله ، فلا ترضى بأنْ تكون في
المنزلة الأدنى.
هذا والله أعلم وصلى الله على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا