مَفهومُه : اسمٌ منصوبٌ على تقديرِ (في) يُذْكَرُ لبيانِ زمانِ الفِعْلِ أو مَكانِهِ .
أمْا الأصلُ اللغويُّ لمفهومِ الظرفِ فهو ما كان وعاءً لشيءٍ ، وتُسمى الأواني ظروفا ، لأنها أوعيةٌ لما يُجْعَلُ فيها . وسُميتْ الأزمنةُ والأمِكنَةُ ظروفاً، لأنّ الأفعالَ تَحَصلُ فيها ، فصارتْ كالأوْعِيَةِ لها .
ففي مثل "جاءتْ السيارةُ صباحاً ، ووقفتْ يمينَ الشارِعِ ، لِيَرْكَبَ الراغبون . تَدُلُّ كَلِمةُ (صباحاً) على زَمَنٍ معروفٍ ، وتتضمّنُ في ثناياها معنى الحرفِ (في) الدالِ على الظَرفيةِ . بحيثُ نَستطيعُ أن نَضَعَ قَبْلَها هذا الحرفَ ونقولُ جاءتٍْ السيارةُ في صباحٍ ، ووقفتْ يَميَنَ الطريقَ ، فلا يَتَغَّيرُ المعنى مع وُجودِها ، ولا يَفْسُدُ صَوْغُ التركيبِ . فكأنُها عِنْدَ حَذْفِها موجودةٌ، لأنّها تُراعى عِنْدَ تأديةِ المعنى ، ولأنَّ كلمةَ (صباحاً ) تُرشِدُ إليها وتُوَجّهُ الذِّهْنَ لمكانِها . فهي – إذاً – مُقَدَّرةٌ ومَلحوظَةٌ في الجملةِ . وهذا هو المقصودُ من أنَّ كلمةَ
(صباحاً) تَتَضَمّنُها. ولو غيّرنا الفعلَ (جاءَ) ووضعنا مكانَهُ فعلاً آخرَ ، مثل : وَقَفَ ، ذَهَبَ ، تَحَرّك … لَبقيت كلمةُ (صباحاً ) على حالها من حيث الدلالةُ على الزمن المعروف ومن تَضَمُّنِها معنى (في) وهذا يَدَلُّ على أنَّ تَضَمُّنَها معنى (في) مُسْتَمِرٌّ ومُتّبَعٌ في مُخْتَلَفِ الأحوالِ مَعَ أفعالٍ كثيرةٍ مختلفة المعنى ، بخلافِ لو قُلنا : الصباحُ مُشْرِقٌ – صباحُ الخَميسِ مُعْتَدِلٌ – فإن كلمةَ (الصباح) في المثالين واشباهِهما – تَدُلُّ على الزَمنِ المعروفِ . ولكنها لا تَتَضَمَّنُ معنى (في) . فلو وضعناها قبلَها تفسد الأسلوبُ والمعنى ، إذ لا يَصِحُّ (في الصباحِ مُشْرِقٌ ) ، ولا (في صباح الخميسِ معتدلٌ) ومِنْ أجلْلِ هذا لا تَصِحّ تَسْمِيَهُ (الصباح) في هذين المثالين ظَرْفَ زمانٍ مع أنها تَدُلُّ على الزمانِ فيهما .
وَتدُلُّ كلمةُ (يمين) في المثالِ الأوّلِ وهي اسمٌ ، على المكانِ لأنّ معناها وَقَفتْ السيارةُ في مكانٍ هو : جِهَةُ اليمينِ ، وهي مُتَضَمِنّةٌ معنى (في) إذْ تَستطيعُ أن تقولَ : وَقَفَتْ في جهةِ اليمينِ ، فلا يَتغيرُ المعنى . ولوغَيّرْنا الفعلَ وجِئنا بآخرَ فآخرَ لظلتْ كَلمةُ (يمين) على حالِها من الدلالةِ على المكان . ومن تَضَمُّنِها معنى (في) باستمرار . بخلافِ قولنِا : اليمينُ مَأمونةٌ – إنَّ اليمينَ مأمونةٌ – خَلَتْ اليمينُ (اليدُ اليُمنى) ، فإنّها في هذه الأمثلة وأمثالها ، لا تَتَضَمَّنُ معنى (في) ويَفْسُدُ المعنى والأسلوب بمجيئها ، إذْ لا يقُالُ في اليمينِ مأمونةٌ ، ولِهذا لا يَصِحُّ تَسميَتُها ظرفَ مكانٍ لِذا سُمّيتْ كلمةُ (صباحا) في المثالِ الأول ونَظائرُها ظروفَ زمانٍ ، وكلمةُ يمينٍ ونظائرُها . ظَرْفَ مَكانٍ
فظرفْ الزّمانِ : ما يدلُّ على وَقتٍ وَقَعَ فيه الحَدَثُ ، مثل : سافَرْتُ ليلاً
وظرف المكان : يَدلُّ على مكانٍ وَقَعَ فيه الحَدَثُ ، مثل : سِرْتُ فَوقَ الرملِ .
والظرفُ سواءٌ أكان زمانيا أم مكانيا ، إمّا مُبْهَمٌ أو محدودٌ – مُؤَقتٌ ومُختَصٌ – وإما مُتَصَرِّفٌ أو غيرُ مُتصّرِفٍ .
ثانياً : الظّرْفُ المبهمُ والظّرْفُ المحدودُ
المبهمُ من ظروف الزمان : ما دل على قَدْرٍ من الزمانِ غيرِ مُعّينٍ ، مثل :
أبَدٍ وأَمَدٍ وحينٍ ووقتٍ وزمانٍ .
والمحدود – الموقت ، المختص – ما دَلّ على وقت مُقَدّرٍ مُعَيّنٍ ومحدودٍ ، مثل :
ساعةٍ ويومٍ وليلةٍ وأسبوعٍ وشهرٍ وسنةٍ وعامٍ .
ومنه أسماء الشهور والفصول وأيام الأسبوع وما أضيف من الظروف المبهمة إلى ما يُزيلُ
إبهامَهُ ، مثل : زَمانُ الرّبيعِ وَوَقتُ الصيفِ .
والمبهم من ظروف المكان : ما دل على مكان غير مُحدّدٍ – اي ليس له صُورةٌ تُدرَكُ بالحسّ الظاهِر ، كالجهاتِ السّتِ وهي : 1) أمام – قُدّام - 2) وراء (خلف) 3) يمين 4) يسار – شمال 5) فوق 6) تحت
ومثل أسماء المقادير ، مثل : ميل ، كيلومتر ، وقَصبة وغيرُها . فهي وإن كانت معلومةَ المسافةِ ، والمقدارِ ، فإن إبهامها حاصلٌ من ناحية أنها لا تَخَتَصُّ بمكانٍ مُعَيْنٍ .
الظرف المتصرف : هو الذي لا يلازمُ النصبَ على الظرفيةِ ، وإنما يَتْرُكها إلى حالاتٍ أخرى من الإعراب . فيكون مبتدأ وخبراً وفاعلاً ومفعولاً مثال الزمان المتصرف :
يومُكم سعيدٌ
إنَّ يومَكمُ سعيدٌ
انْتَظَرْنا اليومَ السعيدَ
سيأتي يومٌ سعيدٌ نَفْرَحُ فيه
ومثال المكان المتصرف :
يَمينُك أوسعُ من شِمالِكَ
لا تنظرْ إلى الخلفِ ! بلْ انْظُرْ إلى الأَمامِ دائماً .
لتكن وجُهَتُكَ اليسارَ .
) ثمانيةَ أخماسِ الكيلومتر .
الميلُ يساوي (
الظرف غير المتصرف : وهو الذي لا يفارق الظرفية الزمانية والمكانية إلى غيرهما من الحالات الإعرابية الأخرى ، بل يظل على حالته – الظرفية – أينما وَقع في الكلام .
والظرفُ غيرُ المتصرفِ نوعان :
النوعُ الأولُّ : ما يُلازِمُ النصبَ على الظرفيةِ أبداً ، فلا يُسْتَعْمَلُ إلا ظرفا منصوباً . مثلِ : قَطُّ وعَوْضُ وبَيْنا ، وبَيْنَما وإذْ وأيّانَ وأني وذا صباحٍ وذات ليلةٍ ، ومنه ما رُكِّبَ من الظروف : (صباح مساءَ ) ، (وليلَ ليلَ ) ، (ليلَ نهارَ) .
والنوع الثاني : ما يُلازِمُ النصبَ على الظرفيةِ ، أو الجرّ بمن أو إلى أو حتى أو مُذ أو منذ . مثل بعد وفوق وتحت ولدى ولدن وعند ومتى وأين وهنا وثمّ وحيثُ والآنَ .
رابعاً : ناصِبُ الظّرْف – العاملُ فيه –
ناصبُ الظرفِ – الذي يُسُبْبُ نَصْبَهُ – هو الحَدَثُ الواقعُ فيه من فِعْلٍ أو شِبهِ فعلٍ : المصدرُ ، واسمُ الفاعلِ واسمُ المفعولِ .
وإما مُقَدَّرٌ وجوباً مثل : أنا أمامَكَ والتقدير أنا كائن أو مستقر أو واقفٌ أمامَكَ .
- فمثال الفعل : عُدْتُ إلى البيتِ مساءً
ومثالُ المصدرِ : المشيُّ يمينَ الطريقِ أسْلَمُ
والَجرْيُ وراءَ السياراتِ خطرٌ
ومثال اسم الفاعل : العصفورُ مُحَلّقٌ فوقَ البُرْج
ومثال اسم المفعول : اللْوحْةُ مَرسومةٌ تحتَ الماءِ
خامساً : نَصْبُ الظرفِ
يُنْصَبُ الظرفُ الزمانيُّ دائماً ، سواءٌ أكان مُبهماً أو محدوداً – مُخْتَصّا - ، مثل :
انتظرتُه وقتاً طويلا ً
ويصومُ المسلمون شَهْرَ رَمَضانَ
شريطةَ أن يَتَضَمَّنَ الظرفُ معنى (في) . فإن لم يتضمن معنى (في) أُعْرِبَ حَسَبَ مَوْقِعِهِ في الجملة : مثل
مضى يومُ الخميسِ
يومُ الأحدِ مَوْعِدُنا
نَنْتَظِرُ ليلةَ الميلادِ بِصَبْرٍ
ولا يُنصبُ من ظروفِ المكانِ إلاّ شيئان :
أ- ما كانَ مُبْهَما أو شِبْهَ مُبْهَمٍ ، ويتضمن معنى (في)
فالأول مثل : جَلَسْتُ قُرْبَ التلفزيون
والثاني مثل : سِرْتُ ميلاً
فإن لم يتضمن معنى (في) أُعْرِبَ حَسَبَ مَوْقِعِهِ ، مثل :
الميلُ مسافةٌ أرضيةٌ
الكيلومتر ألفُ مترٍ
ب- ما كانَ مُشْتَقاً من الظروفِ ، سواءٌ أكان محدداً أم مُبهما ، شريطةَ أن يُنصبَ بفعْلِهِ المُشْتَقّ منه ، مثل : جَلَسْتُ مَجْلِسَ أهلِ العِلمِ ، وذهبتُ مَذْهَبَ العُقلاء ِ .
أما إذا كان من غيرِ ما اشْتُقَّ منه عامِلُه ، وَجَبَ جَرُّهُ مثل : أقمتُ في مَجْلِسِكَ ، وسِرْتُ في مَذْهَبِ العقلاءِ . أما ما كان من ظروفِ المكانِ محدوداً غيرَ مشتقٍ ، لم يَجُزْ نَصبُهُ ، بل يجب جَرُّهُ بـ(في) . مثل : جلستُ في الدارِ ، وأقمتُ في البَلَدِ وصليتُ في المسجدِ .
سادساً : مُتَعَلّقُ الظّرف
كُلُّ ما نُصِبَ من الظرفِ يَحتَاجُ إلى ما يَتَعَلَّقُ بهِ الظرفُ أو يَرْتَبِطُ به في المعنى ، من فعلٍ أو شبهِ فعلٍ ، ويُشارِكُ الظرفَ في التعلقِ حروفُ الجرّ ، التي تحتاجُ إلى ما يرتبطُ معناها بِهِ .
وما يَتَعَلّقُ بهِ الظرفُ إمّا أن يكونَ مَذكوراً ، وإمّا أن يكونَ محذوفاً .
مثل : حَضَرْتُ صباحاً . حيث ارتبط الظرف صباحاً بالحضور – حَضَرَ – ومثل : يَقِفُ الطفلُ أمامَ البابِ ، حيث ارتبطَ الظرفُ أمامَ بالوقوف – وقفَ –
ويُحْذَفُ ما يَتَعَلّقُ بهِ الظرفُ ، إذا كان كوناً خاصاً ، ودلَّ عليه دليلٌ ، مثلُ :
أمامَ البابِ ، لمن يسألُ أين يَقَفُ الطّفْلُ ؟
ويُحْذَفُ ما يَتعلقُ به الظرفُ وجوباً في ثلاثة مواقع :
1- أن يكونَ كَوْناً عاماً ، يصلح لأن يُرادَ به كلُّ حَدَثِ ، مثل موجود وكائن وحاصل . ويكون
المتعلق المقدر إما خبراً مثل : الكتابُ فَوقَ المكتب ومثل : الجَنّةُ تَحْتَ أقدامِ الأمهاتِ .
ومنها ما رُكّب َمن ظروف الزمان ، مثل : أزورُ المكتبة صباحَ مساءَ - وليلَ ليلَ - ونهارَ نهار- ويومَ يومَ . والمعنى كلّ صباح وكلَّ مساءٍ وكلَّ نهار وكلّ يوم .
والظروف المبنية المختصة بالمكان هي : حيثُ وهُنا وثَمَّ وأيْنَ
ومنها ما قُطِع من الإضافةِ لفظاً من أسماءِ الجهاتِ الستّ : أمامُ وقدامُ وخلفُ وفوق وتحت ويسار ويمين.
والظروفُ المبنيةُ المشتركةُ بين الزمانِ والمكانِ هي : أنّى ولدى ولدُنْ ومنها قبلُ وبعدُ في بعضِ الأحوالِ .
الظروفُ المبْنيّةُ وأحكامُها :
1- قَطُّ : ظرفٌ للماضي على سبيل الاستغراقِ ، يستغرقُ جميع الزّمن الماضي ، وهو مُشْتَقٌ من قَطَّ أي قَطَعَ ، إذ معنى ما فعلته قطُّ : ما فعلته فيما انقطع من عمري . ويؤتى به بعدَ النفيّ أو الاستفهام لنفي جميع أجزاء الماضي أو الاستفهام عنها . ومن الخطأ أن يُقالَ: لا أَفعَلُهُ قَطُّ ، لأن الفعلَ دالٌ على المستقبل ، وقَطُّ ظرفٌ للماضي .
نقول : لم يستسلمْ المواطنُ لمعتدٍ قَطُّ ، ولم يتوقفْ عن الذّوْدِ عن حقِهِ .
2- عُوضْ : والمشهورُ عند النحاة بناءُ (عُوضُ ) على الضّم ، ويجوزُ فيه البناءُ والكسرُ . أما إذا أضيفتَ فهو مُعْرَبٌ منصوبٌ في مثل : لا أفعلُ السوءَ عوضُ الدّهْرِ .
ويُستعمل (عُوضُ) بَعْدَ النفي أو الاستفهام للدلالةِ على نفي جميعِ أجزاءِ المستقبلِ أو الاستفهامِ عن جميع ِ أجزائِهِ . فإذا قُلْتَ : لا أفعلُ هذا الأمرَ عُوَضُ ، كان المعنى لا أفعله في زمنٍ من الأزمنة القادمة ِ .
بينما وبينا ، وبَيْنَ : بينما وبينا ، ظرفان للزمان وهما تتصلان بالجملة الإسميةِ كثيراً ، وبالفعليةِ قليلاً ، وأصلهما (بين) و (ما) في بينما ، و (الألفُ) في بينا زائدتان ، ويرى بعضُ النحويين إضافَتََهما إلى الجملة بعدَهما ، بينما يرى آخرون عدمَ إضافتهما ، لما لحِقَهما من زيادةٍ تُكفَّهما من عملِ الإضافةِ ، وهو رأيٌ بعيدٌ عن التّكَلفُِ .
نقول : وَقَفْتُ بينما الركبُ سائرٌ .
سِرْتُ بينا تَوَقْفَ الرّكْبُ .
أما (بينَ) فهي ظرفٌ مبنيٌ للزمان ، إذا أضيفتْ إلى الزمانِ ، وظرفٌ للمكانِ إذا أضيفتْ إلى المكانِ .
فهي ظرفٌ زمانٍ في قولنا : أعودُ من العَملِ بَيْنَ الساعةِ الرابعةِ والخامسةِ .
وهي ظرفُ مكانٍ في : أسْكُنُ بَيْنَ الدوّارِ الثاني والثالثِ .
4- إذا : ظرف لِلمُسْتَقْبَلِ في الغالب لا يَتَضَمنُّ معنى الشرّطِ ، ويَخْتَصُّ بالدخولِ على الجملِ الفعليةِ ، ويكونُ الفعلُ معهُ في الغالب دالاً على الماضي . مثل قوله تعالى "وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها" وقد يكون الفعل معها دالاً على الوقت الحاليِّ . مثل : قولِهِ تعالى "والليلِ إذا يغشى" .
والغالب في استعمالها أن تَتَضَمَّنَ مع الظرفيةِ معنى الشرطِ ، دونَ أن تَجْزِمَ ، فتحتاجُ بعدها إلى جملتين : تحتوي الأولى على فعل الشّرْطِ ، والثانيةِ على الجوابِ . مثلُ : قولِهِ تعالى "إذا جاءَ نَصْرُ اللهِ والفَتْحُ ، ورأيتَ الناسَ يدخلون في دين اللهِ أفواجاً ، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ واستغفرْهُ إنّهُ كانَ تَوّابا" . وعندئذٍ تكونُ مضافةً إلى جملةِ فعلِ الشّرْطِ . ويكونُ عاملُ نَصْبِها ما يُوجَدُ في جملةِ جوابِ الشرطِ من فِعْلٍ أو شبهِ فِعْلٍ .
5- إذ : ظَرْفٌ للزمانِ الماضيِ . مثل : وَصَلْتُ إذْ غابَتْ الشّمْسُ .
وقد تكونُ ظرفاً للمستقبلِ ، مثل : "فَسّوفَ يعْلَمونَ إذْ الأغلالُ في أعناقِهم" وهي مبنيةٌ على السكونِ في محلِ نصبٍ على الظَّرفيّةِ ، وهي دائماً مضافةٌ إلى الجملةِ بَعَدها .
وقد تُحْذَفُ الجملةٌ بَعْدَ إذْ ، ويعوّضُ عنها بتنوينِ العوَضِ* ، مثلُ : قولِهِ تعالى " فلولا إذ بلَغَتْ الرّوحُ الحُلقومَ، وأنتمْ حينئذٍ تنظرون" أي وأنتمْ حين إذ بلغتْ الرّوحُ الحلقومَ تنظرون .
* تنوينُ العِوضِ أو التعويضِ : هو التنوين الذي يُذْكَرُ عِوضاً عن حرفٍ أصليٍ محذوفٍ لعلّةٍ مُعَيّنةٍ في كلمةٍ، أو بدلاً من كَلمةٍ محذوفةٍ في جملةٍ ، أو عِوضاً عن جُملةٍ محذوفةٍ ، فَيُغني عن ذِكْرِ المحذوفِ ، ومثالُهُ في الكلمةِ : جَمْعُ كرسيٌ على كراسٍ ، فيكونُ التنوين عوضاً عن الياءِ المحذوفةِ ، وقد تُحْذَفُ الكلمةُ ويُعَوّضُ عنها بالتنوين ، نقول : سافرَ الأبناءُ فقبّلْتُ كلاً منهم ، حيثُ سدّ التنوينُ في (كلاً) مكانَ (كلّ واحدٍ) وقدْ يَقَعُ الحذف في الجملةِ مثل : قُرِعَ جَرَسُ البابِ وكنتُ حينَ إذْ قرِعَ الجرسُ أرُدُّ على الهاتفِ . التي تصيرُ إلى : قُرِعَ جَرَسُ البابِ وكنتُ حينئذٍ أردُّ على الهاتفِ . حيثُ سَدّ التنوينُ عن جُملةٍ – حينَ إذْ قُرِعَ الجرسُ – .
7- أنّى : ظرفٌ للمكانِ ، ويكونُ اسمَ شَرْطٍ بمعنى (أينَ) مثل : أنى تذهبْ أذهبْ واسمَ استفهامٍ عن المكانِ بمعنى من أيْنَ ؟ . مثل قوله تعالى "يا مَرْيَمُ أنى لكِ هذا" أي مِنْ أينَ ؟
كما يكونُ بمعنى (كيف) . كقولهِ تعالى "أنّى يُحييِ هذه اللهُ بَعْدَ موتِها" أي كيف يُحييها ؟
ويكونُ ظرفَ زمانٍ بمعنى (متى) للاستفهامِ . مثل أنى جِئْتَ ؟ = متى جئتَ ؟
8- قَبْلُ وبَعْدُ : ظرفان للزمان ، منصوبان على الظرفية ، أو مجروران بـ (مِنْ) مثل : غادرتُ المدينةَ قبلَ الظُّهرِ ، أو بَعْدّهُ . وهما معربان بالنصب ، أو مجروران بمن .
مثل : غادَرْتُ المدينةَ قبلَ الظُّهرِ ، أو بَعْدَهُ ، أوْ مِنْ قَبْلِهِ أوْ من بَعْدِهِ .
وقد يكونان للمكان مثل : دَوْري قَبلَ دَوْرِكَ أوْ بَعْدَهُ وهما معربان بالنّصْبِ ، أو مجروران بمن .
وقد يُبنيان إذا قُطعا عن الإضافةِ في اللفظِ لا المعنى – بحيث يبقى المضاف إليه منْوياً ومُقدّراً، مثل قوله تعالى "للهِ الأمرُ مِنْ قَبْلُ ومِنْ بَعْدُ" ، أي من قبلِ الغَلَبةِ ومن بَعدِها .
وتُعَامَلُ معامَلَةَ (قبل وبعد) من حيث الإعرابُ ، والبناءُ ، الجهاتُ الِسّتُ : أمام قُدّام ، وخَلْفُ ووراءُ ، ويمينُ وشمالُ – يسار– ، وفوقُ وتحتُ . فإذا أضيفت أو قُطعتْ عن الإضافةِ في اللفظِ والمعنى ، كانتْ مُعْربَةً ، مثل : وقفتُ أمامَ المَصْرِفِ ، وسِرْتُ يميناً ، أسيرُ خَلفَ الجماعةِ .
وإن قُطِعَتْ عن الإضافةِ لفظاً ، لا معنىً ، بُنيَتْ على الضّمِ ، مثل : إجْلِسْ وراءُ ، أو أمامُ ، أو يمينُ ، أو خلفُ أو فوقُ أو تحتُ ، ومثل نزلتُ من فوقُ ، ونظرتُ من تحتُ ، وأتيتُ من يسارُ .
ومثل : تَقَدَّمَ الناسُ وعادلٌ خلفُ أو أمامُ ، نَقْصُدُ من خلْفَهم أو أمامَهم .
فإذا أردنا تحديدَ جهةٍ محددةٍ ، فإننا نُحَددّهُا بالإضافةِ ، مثل : قِفْ يسارَ الشارع . أو تحددُ بوساطةِ حذف المضاف إليه ، مثل : قِفْ يسارُ ، أي يسارَ شيءٍ مُعَيَّنٍ – الشارعِ –
أما إذا أردنا عَدَمَ تحديدِ الجِهَةِ ، قُلنا : قِفْ يساراً ، حيث قطعنا الظرف من الإضافة لفظاً ومعنى في آن .
وفي حُكْم قَبلُ وبَعْدُ أيضاً ، أوّلُ ، وأسفَلُ ودُونُ ، نقول : وَقَفَ أوّلَ المتبارين ، ووقف أوّلُ ، وقف أولَ ، وقف من أولَ .
دونَ : ظرف للمكان منصوب ، وهو نقيضُ (فوق) . مثل : هو دونَهُ ذكاءً ، أي أقلُّ منه ، ونقول : جلس الولد دون أبيه ، أي في مكانٍ منخفضٍ عن مكانِهِ . وقد تَرِدُ (دَونَ) بمعنى أمامَ . مثل : الكرةُ دونَكَ . وقد تَكُوُنُ بمعنى وراءَ . مثل : قَعَد دَونَ المشاهدين = وراءهم .
ومثل : وقَفَ السائِقُ دونَ الإشارةِ ، ووَقف دونَ ودونُ ومِنْ دونِ ، ومعلومٌ أنَّ أوْلَ وأسفلَ ممنوعان من الصَرّفِ لأنهما صِفتان على وزنِ أفعل أما (دون) فهي غير ممنوعة
9- لدى ولَدُنْ : ظرفان للزمانِ والمكانِ بمعنى (عِنْدَ) مبنيان على السكون والغالبُ في (لَدُنْ) أن تُجَرّ (بمٍنْ). مثل : وعلمناه من لَدْنا عِلمْاً . وقد تكونُ في محلِ نَصْبٍ على الظرفيّةِ الزمانيّةِ .
مثل : خَرَجْتُ لَدُنْ طلوعِ الشَّمْسِ .
أو المكانيةِ مثل : جلَسَت لَدُنْكَ .
والغالبُ في (لدى) النصبُ محلاً على الظرفيةِ الزمانيةِ مثل : جِئْتُ لدى وصولِ أخي ، أو المكانية ، مثل: جلَسْتُ لَدَيْهِ ، وقد تُجرُّ بمن . مثل : عُدْتُ من لدى المحامي . وإذا اتصلَ الضميرُ بـِ (لدى) انقلبت ألفُها ياءً . مثل : لَدَيْهِ ، لَدَيْهم ، مثل : لَدَيْنا دَليلُ سَوْقٍ .
10- متى : ظرفٌ للزمانِ ، مبنيٌ على السكونِ . ويكونُ اسمَ استفهامٍ مبنياً على الظرفيةِ ، مثل : مَتى جئتَ ؟ ومجروراً بإلى أو حتى مثل : إلى متى يبقى شَعْبُ فلسطينَ مُضْطَهَداً؟
وحتى متى (حَتّام) يستمرُ احتلالُ أرْضِهِ ؟
وتكون (متى) اسم شرط . مثل : متى تثقْ بنفسِكَ يَثقْ بك الآخرون .
وعِندما تتضمّنُ (متى) معنى الشرط ، لزمت النصب على الظرفية ، فلا تُسْتَعْمَلُ مجرورةً , نحو : متى تسافرْ ، ترافِقْكَ السلامةُ !
11- أيْنَ : ظَرْفُ مكانٍ مبنيٌ على الفَتْحِ .
ويكونُ اسمَ استفهامٍ ، منصوباً على الظرفيةِ ، فيُسْأَلُ بها عن المكانِ الذي حَلَّ فيه الشيءُ ، مثل : أينَ موقفُ الجامعةِ ؟ أينَ كُنْتَ ؟ ومجروراً بـ (مِن) فَيُسْأَلُ عن مكانِ ظهورِ الشيءِ . مثل: مِنْ أيْنَ عُدْتَ ؟ ومجروراً بإلى فَيُسْأَلُ بها عن مكانِ انتهاءِ الشيءِ . مثل : إلى أيْنَ تذهبُ ؟
ويكونُ اسمَ شَرْطٍ ، فَيَلْزَمُ النّصْبَ على الظرفيةِ ، مثل : أيْنَ نَذهبْ ، أذهبْ ، وقد نَلحْقُها ما الزائدةُ للتوكيد . مثل : "أينما تكونوا يُدْرِكْكُمْ المَوْتُ" .
12- حَيْثُ : ظَرْفٌ للمكانِ ، مَبْنِّيٌ على الضَّمِ . مثل : اجْلِسْ حَيْثُ يَجْلِسُ العُقلاءُ وهي تُضافٌ إلى الجملتين الفعليةِ والاسميةِ .
فالأولى ، مثل : اسعَ حَيْثُ يسعى العالمون .
والثانية ، مثل : اذهبْ حيثُ خليلٌ ذاهبٌ .
وإن جاء بَعْدَهَا مُفْرَدٌ – غير جملة - ، رُفِعَ على أنّهُ مبتدأٌ خَبَرُهُ مَحْذوفٌ ، مثل : اتَّفَقْتُ مَعَهُ مِن حَيْثُ المبدأُ . أي مِنْ حَيْثُ المبدأُ وارِدٌ .
وإذا لحقتها (ما) الزائدةُ ، كانتْ اسمَ شَرْطٍ ، مثل : حَيْثُما تقْصُدْ أقْصُدْ . __________________ -انتهى
المعهد غير مسؤول عن أي اتفاق تجاري أو تعاوني بين الأعضاء فعلى كل شخص تحمل مسئولية نفسه إتجاه مايقوم به من بيع وشراء وإتفاق وأعطاء معلومات موقعه التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي معهد ون ويب ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك (ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)