سبحان الله ,, و الحمد لله ,, و الله أكبر ,, و لا إله إلا الله
نَظَراتٌ فِي سُورَةِ القِتَالِ
سُورَةُ مُحَمَدٌ
سُورَةُ مُحَمَدٌ
بسم الله والصلاة والسلام علي رسول الله سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم .
فموضوعي الذي أتكلم فيه إن شاء الله : نظرة قد تكون تكررت ولكن لا بأس من التكرار
علي سورة القتال أو سورة محمد صلي الله عليه وسلم .. تبدأ السورة : [ الذين
كَفَرُوا وصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ الله أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1)] و في
المقابل : [وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا
نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ ۙ كَفَّرَ
عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2)] .
ما هو الكفر؟ جحد الحق بعد ما تبين .. ما هو الصد عن سبيل الله؟ أو
ماهي الفتنة؟ إستغلال السلطة لمنع حركة الإيمان علي الأرض , ولمنع انشراح
الصدور به, ولمنع أشعته من أن تتسلل الي عقول أظلمت لأن الخرافة سيطرت
عليها من قديم ...
هؤلاء الذين جمعوا بين الكفر بالله و الصد عن سبيله , هؤلاء لا يبارك
الله لهم في عمل , ولا يهديهم طريقاً ولا يصلح لهم بالاً هؤلاء لا مشؤمون
في أعمالهم كلها هذا المعني
تكرر في السورة ثلاث مرات , تكرر في قوله تعالي:{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا
وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا
تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَىٰ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ
أَعْمَالَهُمْ (32)}
هؤلاء شاقّوا الرسول , ومعني المشـاقة : أن يكونوا في شـق ,وأن يكون هو شـق آخر
يعني علي طرفي نقيض , هؤلاء أيضا أحبط الله أعمالهم. تكرر هذا المعني في قوله تعالي:
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (34)
يعني تراخي بهم الأجـل , وطال بهم العمر , وجــاءهم النذير , فما استفادوا من تجربة
ولا انتفعوا بعبرة , ولا كان لهم من ماضيهم أو ماضي الإنسانية درس يُصلح
فسادهم أو يقيم عوجهم , فتكون النتيجة (فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ) .
بدأت السورة بهذا المعني , كأنها تقول للناس : هناك شيء عاجل , وهناك شيء
آجل , الناس تهوي العاجل , هذه طبيعة النفس البشرية
إني لأرجوا منك خيراً عاجلاً .:. والنفـس مُولَعَةُ بحبِّ العاجلِ ( قول لجرير ) , الناس تريد
في الدنيا بوادر نصر , بوارق خير , فالله يقول للمؤمنين: لاحظوا أن [
الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ
(1)] الشؤم مقرون بأحوالهم , ونتيجة حتم لأعمالهم , كيف يأتي الشؤم؟الصد عن
سبيله لابد من تطهير الأرض
لا يتـم عمل إلاً بأمـرين :أمر في يدك وأمـر في يد الله , يـعني أنا أخرج من بيتي علي
نـية المجيء هـنا , لـكن كـون الطريق يُسلم لي حتي أجيء , كون صحتي تبقي معي
حـتي أجيء , كون قـلبي يبقي يـنبض حتى أجيء , كــل هذا بيد الله !! عندما أنـظر
الي أحوال الناس أجد هذا المعني .
الشيوعية زعمت أنها ستضاعف الإنـتاج وتحسن التوزيع , فكانت النتيجة أنها حكمت
العالم , فماذا حدث؟ لا ضاعفت ألإنتاج ولا أحسنت التوزيع , كيف وهي تجند
ملايين العمال طول النهار؟ ماذا يصنع العامل إذا بذر الحبة في الأرض ثم
أهبط الله درجــة الحرارة لي
خمسين درجة تحت الصفر فماتت الحبوب داخل التربة ؟!! [أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ] .
ولقد رأيت هذا الشؤم فيما أراه من أحوال الــعالم العربي , بــلد مثل ( الصومال )
وأنا أهتم به لأنِّي أهتم بالمسلمين , ولي معرفة بأحوال هذه البلاد , أحب
ضابط شرطة اسمه ( زياد بري ) أن يكون حاكما فضحك علي جماعة من الضباط
وعملوا انقلابا عسكرياً
شيوعياً وقتلوا النظام البرلماني الدستوري , وحكم زياد بري. أنظر فأجده
ألغي الحروف العربية , قطع صلته بالعرب , وألغي الإسلام , قطع صلته
بالإسلام , وأنظر فأجده عضواً في الجامعة العربية , لماذا؟ لا عروبة ولا
أسلام فما صلته بالجامعة العربية؟ تحرك ائمة المساجد ضد القوانين الجديدة ,
فقتل عشرة من الأئمة وأُحرقت جثثهم !! قتلوا وأُحرقوا بدون محاكمة !!
المهم في هذا أن أنهار الصومال الجارية جفت!! كأن الله يريد أن يُرِي
عجائبه , فبعد أيام جفاف أحرقت التراب أتت فيضانات لتكتسح البقية الباقية
!! أما أنا فما شعرت بأسي وقلت : تأخذ الحكومة والشعب , تأخذ الكل , شعب ما
تحرك فيه أحد ليقول لهؤلاء : قفوا مكانكم .أُنْـظُروا هذا شْؤم الشــيوعية
الأرض أضربت عن الإنتاج الاَّ قليلا
[ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ] , هؤلاء الذين جمعوا بين الكفر و الصد عن سبيله لابد من تطهير الأرض
منهم , لابد من الإشتباك معهم , يأتي الإشتباك في السورة علي هذا النحو:[
فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَا
أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا
فِدَاءً حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ۚ ذَٰلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ
اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَٰكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ ۗ
وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ
(4) ] والآية تقول: لابد من كفاح دامٍ تتعقبون فيه أولئك المهاجمين حتي
تستأصلوا شأفتهم , وهذا عدل , إفْرض أنني تمكنت بقدرة الله أن أرسل جيشاً
لـ ( أفغانستان ) والتي يُباد فيها المسلمون فكيف أعامل المعتدين؟ أُعاملهم
بالشفقة؟
بالإحسان؟ .. إفرض أن الله شدَّ أزري وقوَّي ساعدي وجعلني أُرْسلْ جيشاً لمقاتلة الصليبيين
في العراق فماذا أنا صانع بهم؟ الآية هنا تحكم :[ فَإِذَا لَقِيتُمُ
الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ
فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ
تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ۚ ذَٰلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ
لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَٰكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ ۗ
وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ
(4) ] ثم يقول الله لنا:[ ذَٰلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ
مِنْهُمْ ] , يمكن أن يرسل الله ملائكة تقاتلهم , يمكن أن يرسل الله صواعق
تحرقهم , يمكن أن يرسل زلازل تخسف بهم وتدمر عليهم .. لكنه جلَّ جلاله جعل
العالم ميدان إختيار , وقال لنا :[ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ
فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ۗ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا (20) ] ـ الفرقان ـ
..فلا بد من أن نُخْتَبر بهؤلاء ويُختبرون بتا , يمكن أن يتدخل رب العالمين
وكل شيء طَوْع أمره ولكنه جل جلاله يختبرنا , أنؤمن ونكافح ونبذل ونؤدي ما
علينا ؟أم نجبن وننكص علي أعقابنا , ونستكثر تكاليف الجهاد ومغارم الكفاح
ونولِّي الأدبار؟ [ ذَٰلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ
وَلَٰكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ ] , هذه ألآية خُتِمتْ بهذه
الكلمة :[ وَالَّذِينَ قُتِلُوا في سَبِيل الله فَلَنْ يُضِلَّ
أَعْمَالَهُمْ ] , أي الذين رُزقوا في هذا الجهاد مصير الشهداء فقتلوا في
سبيل الله فإن عملهم عند الله .
وقد سمع النبي صلي الله علبه وسلم رجلا يقول :{ اللهم إني أسألك أفضل
ما تؤتي عبادك الصالحين , فلما قضي النبي الصلاة قال: من المتكلم آنفا ؟
فقال الرجل : أنا يا رسول الله , قال: إذاً يُعْقَرْ جوادك وتُستشهد في
سبيل الله } ـ رواه ابن حبان ـ والشهادة في سبيل الله ليست مصيبة يُعزَّي
فيها , ولكنها خاتمة صدق أو مكافأة سخية أو جائزة يختار الله لها من أراد
من عباده ونرجوا أن يرزقنا الله هذه الجائزة , وأن يختم لنا بهذا الختام
العظيم انه علي ما يشاء قدير . [ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيل الله
فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ ] هل منكم يشعر بغموض في فهم هذه الآية؟ قرأت
كتابا اسمه ( الإسلام دين العقل ) الكاتب منتسب لأسرة النور في كلية
بجامعة القاهرة ومعه آخر سألت عنه فقالوا: شيخ طريقة ومعه رجل ثالث , المهم
قرأت الكتاب فوجدت هذا العاقل يقول: حتمية تأويل آيات الجهاد في القرآن !!
لماذا هذا الحتمية ؟ إستغربت فنظرت الي ما كتب كُتِبَ تحت هذا العنوان
فوجدت أنه عندما بدأ التأويل بدأ بهذه الآية: [ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي
سَبِيل الله فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ ] أي قتلوا شهواتهم وأهواءهم
وليس لهذه الآية علاقة لا من قُرب ولا من بُعد بسفك الدم !! يارجل أنت قسمت
الآية نصفين , النصف الأول يقول:[ فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا
فَضَرْبَ الرِّقَابِ ] وآخرها : [ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيل الله
فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ ] فما علاقة الشهوة والهوى بضرب الرقاب ؟
وكيف تقول:ليس لها علاقة بالحرب ؟ وفي نفس الآية يقول: [حَتَّىٰ تَضَعَ
الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا] كيف فكر هذا الرجل ؟ ثم كيف يقول: إن هذا عقل؟ لقد
قلت في مكان آخر : هذا الكلام يمكن أن يكون لأي شيء في الجسم إلاَّ المخ
؟وحضرة الكاتب أحب أن يستدل علي أن المقصود هنا هو حرب الأهواء والشهوات
فقال: والدليل علي أن المقصود هو الأهواء و الشهوات هو قوله تعالي بعد ذلك:
{سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5)}بسورة محمد , فقال {يَهْدِيهِمْ}
هذا لا يكون الاَّ في الدنيا!! هذا الكلام باطل , فـفي سورة الصافات يقول
الله :{ احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا
يَعْبُدُونَ (22) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطِ
الْجَحِيمِ (23)} وفي سورة الأعراف يقول الله لأصحاب الجنة:{ وَنَزَعْنَا
مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ ۖ
وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا
لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ۖ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ
رَبِّنَا بِالْحَقِّ ۖ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا
بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (43) } من قال: إن الهدي لا يكون الاَّ في
الدنيا ؟ هذا رجل يجمع بين الغباء و الضلال. ثم قال أن إصلاح البال لا يكون
إلآَّ في الدنيا ؟ لماذا؟ وهل الناس في الآخرة يعكر الله بالهم؟ هل هذا
كلام عقل؟ هذا كلام فارغ , والعجيب أن الكاتب ينتسب الي أســرة نور؟! هذه
أسرة ظلام!! لحساب من يقال هذا الكلام ؟ رجل في الهند اسمه (ميرزا غلام
أحمد) ـ شيخ القاديانية ـ أول ما كلفه الانجليز به إلغاء الجهاد , وألغي
الجهاد , لمصلحة من ؟ لمصلحة الاستعمار الإنجليزي , والمسلمون مستغفلون ,
وحرب الفناء معلنة عليهم , فلماذا تريد أنت أن تفني آيات القتال؟ وعندما
أول آية القتال في سورة التوبة:{ وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ
بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ
الْكُفْرِ ۙ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (12)}
قال: المقصود بمقاتلة أئمة الكفر مقاتلة الدليل بالدليل!! اتق الله يا رجل
, سورة براءة نزلت في ناس قرروا أن يقتلوا الإسلام , وعبثوا بجميع
المعاهدات التي عُقدت معهم , وما وجدوا فرصة الاَّ وحاولوا قتلها , فجاء
الإسلام وقال(في سورة التوبة):{ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ
وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ۗ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ
لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (11) وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ
عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ ۙ
إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (12) أَلَا
تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ
الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ...} بدأونا بالدليل
والبرهان ! أخرجوا الرسول بالدليل والبرهان!وفي سورة التوبة
أيضاً{...أَتَخْشَوْنَهُمْ ۚ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ
كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (13) قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ
بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ
قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ ۗ وَيَتُوبُ
اللَّهُ عَلَىٰ مَنْ يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (15) ... كل هذا
يلغي ويقال: القتال هنا قتال علي الورق أو قتال علي المنبر!! الحمار لا
يفكر بهذه الطريقة لحساب من هذا التفسير؟ أهذا كتاب للإسلام؟ أم أنه عمالة
لجهات أجنبية تريد إماتة الدم المكافح في نفوس المسلمين وجعل الأمة
الإسلامية باردة العاطفة , ونُقتل ثم نسمع من يقول لها : آيات القتال
أُلْغِيت؟!! علي كل حال هذا نوع من الكلام عَرَض لي وأنا أمضي في سورة
القتال , وبعد أن قال الله:{... وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ
فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5)
وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6)(سورة محمد) .. قال:{ يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ
وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ
وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (}..
حكي لي بعد الناس قالوا :قمنا بدعوة للجهاد من أجل تحرير البلد
الفلاني فرفض المسلمون أن يشتركوا معنا وقالوا : هذه حرب قومية لا نشترك
فيها!! أنا خطَّأت الذين رفضوا القتال , وقلت هذا فهم غير صحيح للإسلام ,
صحيح أن القتال يُوصف بأنه إسلامي والقتيل يُوصف بأنه شهيد , متي كان من
أجل أن تكون كلمة الله هي العليا , والأحاديث واردة في هذا وكثيرة , ولكن
وردت أيضاً آيات وأحاديث بأنك عندما تنصر نفسك , وتُعز شأنك وتحمي دمك
ومالك وعرضك وتُقتل دون هذا فأنت أيضاً شهيد , لأن الظلم في الإسلام نوعان :
ظُلم الآخرين وهو إيقاع الغُين بهم والإفتيات علي دمهم أو مالهم أو عرضهم ,
هذا ظلم .. وهناك ظلم آخر لا يقل عنه سوءاً وهو أن تظلم نفسك , كيف تظلم
نفسك؟ ترضي بالدَّنيَة والهوان , وفي هؤلاء نزل قوله تعالي:{ إِنَّ
الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا
فِيمَ كُنْتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا
أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ
فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97)} (النساء) .
قبلوا الدنية والظلم , ويعجبني من شعر العقاد قوله:
أنصفت مظلوما فأنصفت ظالما .:. في ذلة المظلوم عُذرُ الظالم
من يرْضَ عدوانا عليه يَضيرهُ .:. شرٌٍ مِن العادي عليه الغاشم
وفي قوله تعالي(سورة محمد):{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ
تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7)
وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (} .
لماذا ؟أعداء الإسلام يكرهون ما أنزل الله ؟ في الجاهلية الأولي كان الكفر
متغلغلاً في نفوس كثيرة , فهم يشمئزّون من التوحيد ويرحبون بالشرك والوثنية
, ففي قوله تعالي(سورة الزمر):{ وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ
اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ۖ وَإِذَا
ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (45)} .
ينتج هذا من فساد الطبيعة الإنسانية , يعني المفروض في الطبيعة الإنسانية أن تحب الحق وتهفو إليه .
في سورة القتال ـ هنا ـ موقفان: موقف للمؤمنين , وموقف للكافرين ,
المؤمنون أهل حماس وأهل نشاط وأهل خير, إذا نزلت سورة فيها تكليف يجري
المؤمنون الي رسول الله (صلي الله عليه وسلم) نحن معك , نحن مستعدون , ونجد
هذا المعني في استعجالهم ماينصرالإسلام في قوله تعالي(سورة محمد):{
وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ .... (20)} .
ينتظرون التوجيه , ينتظرون الأمر , أما المنافقون فإذا نزلت آية فيها قتال
ينظر أحدهم الي الآخر هل يراكم من أحد؟ اجْرِ, انصرف قبل أن تكلف بشيء قال
الله(سورة التوبة) :{ وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ
إِلَىٰ بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا ۚ صَرَفَ
اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (127) }هنا في
صورة القتال يصورهم تصويرا آخر:في قوله تعالي:{... فَإِذَا أُنْزِلَتْ
سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ ۙ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي
قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ
مِنَ الْمَوْتِ ۖ فَأَوْلَىٰ لَهُمْ (20) طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ ۚ
فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ
(21) . وتمضي السورة تؤكد هذه الحقائق لابد من جهاد , لابد من بذل , لابد
من مواجهة ناس كرهوا ما أنزل الله :{ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا
أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28)}
.لبد من مقاومتهم , لابد من مجاهدتهم , قال تعالي:{ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ
حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ
أَخْبَارَكُمْ (31)} أيها الأخوة الحرب في العالم الآن حرب دينية , هناك
محاولات لتغطية العنوان الديني داخل الأمة العربية .
الحرب دينية في العالم , فالعالم الإسلامي ليس علبه من بأس من أن
يكافح من أجل دينه ومن أجل إسلامه في وجه كل المؤامرات التي تجتاح العالم
الإسلامي بين الأطلسي والهادي .. المهم أنه لا حرج علينا من أن نكافح من
أجل ديننا .. وضريبة الكفاح معروفة , لكني ما أزال أوصي بالحكمة والفقه
وإعمال الرأي وفهم كلمة المتنبي:
الرأي قبل شجاعة الشجعان هو أول وهي المحل الثاني
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.. والسلام علبكم ورحمة الله وبركاته,,,
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
محاضرة لمحمد الغزالي(رحمه الله) بجامعة القاهرة(بتصرف) ...